للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قولُ البيهقيِّ: ((فِي هَذَا دلالةٌ عَلَى أنَّ مقصودَ أنسٍ مَا ذَكَرهُ الشافعيُّ)) (١)، يعني: أنَّ هَذَا السؤالَ لهُ شقّانِ:

أحدهما: السؤالُ عنِ الافتتاحِ بالبسملةِ.

والثاني: الافتتاحُ بأمِّ القرآنِ، وَهُوَ المرادُ بقولهِ: ((الحمد لله رب العالمين)) فنفيهُ إنما يتسلطُ عَلَى الشقِّ الأولِ، لأنَّ الافتتاحَ بأمِّ القرآنِ قَدْ أثبتَهُ فِي غيرِ هذهِ الروايةِ. هكذا فهمتُ منْ تقديرِ شيخِنا. والذي يظهر لِي أنَّ هَذَا لا يدلُّ عَلَى مَا قالَ الشافعيُّ؛ لأنهُ لا يخلو إمّا أنْ تكونَ البسملةُ من الفاتحةِ، فيكونَ الابتداءُ بِهَا، أو لا تكونُ مِنْهَا، فيكون الابتداءُ، بقوله: ((الحمد لله رب العالمينَ)). فلا يصحُّ نفيُّ السؤالِ عنِ البسملةِ، وإثباتهُ لأمِّ القرآنِ؛ لأنَّ ذلكَ يؤدي إِلَى أنْ يكونَ جزءُ الشيء قسيماً لهُ.

قولُ أَبِي شامةَ: ((قَالَ: نحنُ سألناهُ عنهُ)) (٢) تلبيسٌ، فإنَّهُ يُفهِمُ أنَّ سؤالَ قتادةَ عنِ الاستفتاحِ بأيّ سورةٍ، وإنما سؤالهُ عنِ الجهر؛ فإنَّ مسلماً (٣) قالَ: حَدَّثَنَا ابنُ المثنى وابنُ بشارٍ، كلاهما عنْ غندرٍ (٤)، حَدَّثَنَا شعبةُ، سمعتُ قتادةَ يحدّثُ، عنْ أنسٍ قَالَ: ((صلّيتُ مَعَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ - رضي الله عنهم - فَلَمْ أسمع أحداً منهم يقرأُ: بسم الله الرحمن الرحيم)) حَدَّثَنَا / ١٦٥ب/ محمدُ ابنُ المثنى، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو داود، قَالَ: حَدَّثَنَا شعبةُ في هَذَا الإسنادِ، وزادَ: قَالَ شعبةُ فقلتُ لقتادةَ: أسمعتَهُ منْ أنسٍ؟ قَالَ: ((نحنُ سألناهُ عَنْهُ)). قَالَ شيخُنا: ((فهذا


(١) انظر: شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٨٤.
(٢) انظر: شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٨٥.
(٣) صحيح مسلم ٢/ ١٢ (٣٩٩) (٥٠) و (٥١).
(٤) في صحيح مسلم بعد ذلك: ((قال ابن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة ... )).

<<  <  ج: ص:  >  >>