للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلامِ تركُ فضولهِ، واستيجازُ معانيهِ)) (١). وقالَ في " ديوانِ الأدبِ ": ((اختصرَ الكلام إذا أخذَ منهُ ما يردهُ إلى الإيجازِ، واختصرَ الطريقِ إذا أخذ أقرب مآخذه)). وقالَ في " القاموسِ ": ((واختصرَ: حَذَفَ الفضولَ، والطريقَ سلكَ أقربهُ، وفي الحَزِّ (٢) ما استأصلهُ، واختصرَ السورة قرأها، وتركَ آية سجدتها لئلا يسجدَ، أو أفردَ آيتها فقرأ بها ليسجدَ فيها، وقرأ آيةً، أو آيتينِ مِنْ آخرِ السورةِ في

الصلاةِ)) (٣)، فمادتهُ تدورُ على الدقةِ والتوسطِ، مِنْ خصرِ الإنسانِ وما شاكلهُ، وهذا المعنى (٤) تارةً يكون بحذفِ بعضِ الشيءِ مع استيفاءِ معناهُ، أخذاً منِ اختصارِ الطريقِ، وتارةً بالاقتصارِ على البعضِ بعد حذفِ مالا دلالةَ للباقي عليهِ أخذاً مِنِ اختصارِ السورةِ.

وقالَ الإمامُ أبو نصر بنُ الصباغِ (٥) في أولِ " الشاملِ ": ((والاختصارُ: إيجازُ اللفظ مِنْ غيرِ إخلال المعنى. واشتقاقُهُ منَ الجمعِ، ولهذا سميتِ المخصرةُ /٧أ/ لاجتماعِ المتكيءِ عليها، والخاصرةُ لاجتماع البدنِ عليها، فكأنّهُ يجمعُ معنى الكثيرِ في القليلِ مِن اللفظِ، والاختصارُ محمودٌ؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تَمَدَّحَ بِهِ، فقالَ: ((أُوتيتُ جوامعَ الكلمِ، واختصر لي الكلام اختصاراً)) (٦)، وقد أعجزَ اللهُ تعالى العربَ بقولهِ:


(١) مجمل اللغة مادة (خصر).
(٢) في جميع النسخ الخطية ((الجز))، والمثبت من " القاموس المحيط ".
(٣) القاموس المحيط مادة (خصر).
(٤) عبارة: ((وهذا المعنى)) لم تردفي (أ) و (ك).
(٥) هو أبو نصر الصباغ عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد البغدادي، شيخ الشافعية، الفقيه المعروف بابن الصباغ، له تصانيف منها: الشامل، والكامل، وغيرها، توفي سنة (٤٧٧ هـ). انظر: سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٦٤، وشذرات الذهب ٣/ ٣٥٥.
(٦) ذكره العجلوني في كشف الخفاء ١/ ١٥ بهذا اللفظ، وقال: ((رواه العسكري في الأمثال عن جعفر بن محمد، عن أبيه مرسلاً بهذا اللفظِ لكن في سنده من لم يعرف)). =
وأخرجه: عبد الرزاق (١٠١٦٣)، ومن طريقه البيهقي في " شعب الإيمان " (٥٢٠٢)
عن معمر، =

<<  <  ج: ص:  >  >>