للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتُركبُ الصورَ المأخوذةَ عنِ الحسِ والمعاني المدركة بالوهمِ، وليسَ منْ شأنها أنْ يكونَ عملُها منتظماً، بل النفسُ تستعملُها على أيِّ نظامٍ تريدُ، فإنِ استعملَتْها بواسطةِ القوةِ العاقلةِ وحْدَها، أو معَ القوةِ الوهميةِ فهي المفكرةُ، وإنِ استعملَتها بواسطةِ القوةِ الوهميةِ فقط، فهي المتخيلةُ، ومنِ اختراعاتها أشياء لا حقائقَ لها كإنسانٍ له رأسانِ، وكأنيابِ الغولِ ونحوِ ذلكَ (١).

هذا نهايةُ إدراكِ الحواسِ، فإذا تمَّ هذا تنتزعُ النفسُ الإنسانيةُ منَ المفكرةِ علوماً، مثلَ أنْ تنتزعَ الكلياتِ منْ تلكَ الجزيئاتِ المحسوسةِ، إذْ تدرِكُ الغائبَ منَ الشاهدِ فهاهنا بدايةُ تصرّفِها بواسطةِ إشراقِ العقلِ، ولهذا التصرّفِ مراتبُ: استعداده لهذا الانتزاعِ كما للأطفالِ، ويُسمَّى العقلُ الهيولانيُّ (٢)، ثمَ علمُ البديهياتِ على وجهٍ يوصِلُ إلى النظرياتِ - والبديهةُ: المعرفةُ الحاصلةُ للنفسِ لا بسببِ الفكرِ - / ١٩٥أ / ويُسمَّى العقلُ بالملكةِ، ثمَ علمُ النظرياتِ منها، ويُسمَّى العقلُ بالفعلِ، ثمَ استحضارها بحيثُ لا تغيبُ (٣) ويُسمَّى العقلُ المستفادُ (٤).

قولهُ: (الحلمَ) (٥) هوَ - بضمِّ المهملة وإسكانِ اللامِ - قالَ في " القاموسِ " (٦): ((الجماعُ في النومِ، والاسمُ الحُلُمُ كعُنقٍ، والحِلمُ - بالكسرِ - الأناةُ والعقلُ)).

قولُ الشافعيِّ: (خبرُ الخاصةِ) (٧)، أي: خبرُ الواحدِ، والأصلُ في خبرِ


(١) انظر: التعريفات للجرجاني: ٢٠٠.
(٢) في (ف): ((البيولاني))، وهو خطأ.
(٣) عبارة: ((ويسمى العقل بالفعل، ثم استحضارها بحيث لا تغيب)) تكررت في (ف).
(٤) انظر: التعريفات للجرجاني: ١٥١ - ١٥٢.
(٥) التبصرة والتذكرة (٢٦١).
(٦) القاموس المحيط مادة (حلم).
(٧) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>