للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانظر إلى ما ذُكِرَ في / ٢٠٢ب / شرحِ الأبياتِ التي قبلَ هذهِ منَ التفسير بركضِ البرذونِ (١) وغيرهِ، ولهذه العلة أخرجَ صاحبا " الصحيحِ " وغيرُهما حديثَ مَنْ طعنَ فيهِ بعضُ (٢) الأئمة طعناً غيرَ مُفسَّرٍ؛ فعكرمةُ مولى ابنِ عباسٍ، قد وثّقهُ ابنُ عباسٍ -رضي اللهُ عنهما- في النقلِ عنهُ، فقالَ: ((ما حدّثكم عني عكرمةُ فصدِّقوهُ؛ فإنَّهُ لن يكذبَ عليَّ) وقال لهُ: ((انطلقْ فَأَفتِ الناسَ)).

وقال جابرُ بنُ زيدٍ: هذا عكرمةُ مولى ابنِ عباسٍ، هذا أعلمُ الناسِ، وقيلَ لسعيدِ بنِ جبيرٍ: ((تعلمُ أحداً أعلمُ منكَ؟ قالَ: نَعَم، عكرمةُ)). وقالَ يحيى بنُ أيوبَ: ((سألني ابنُ جُريجٍ: هل كَتبتُمْ عن عكرمةَ؟ قلتُ: لا قالَ: فاتكُم ثُلثا العلمِ) وقالَ ابنُ معينٍ: ((إذا رأيتَ إنساناً (٣) يقعُ في عكرمة فاتّهمْهُ على الإسلامِ))، وقالَ محمدُ بنُ نصرٍ المروزيُّ: ((سألتُ إسحاقَ عن الاحتجاجِ بحديثهِ فقالَ: عكرمةُ عندَنا إمامُ الدنيا، وتعجّبَ مِنْ سؤالي إياهُ) وقالَ ابنُ منده: ((أمّا حالُ عكرمةَ في نفسهِ فقد عدّلَهُ أمةٌ منَ التابعينَ، منهم: زيادة على سبعينَ رجلاً منْ خيارِ التابعينَ، ورفعائِهم، وهذه منْزلةٌ لا تكادُ توجدُ لكبيرِ أحدٍ منَ التابعينَ، على أنَّ من جَرحَهُ منَ الأئمةِ لم يُمسكْ عن الروايةِ عنهُ) وقالَ أبو عمرَ بنُ عبدِ البرِّ: ((عكرمةُ من جلةِ العلماءِ، ولا يقدحُ فيهِ كلامُ مَنْ تكلّمَ فيهِ، لأنَّهُ لا حجةَ معَ أحدٍ تكلّمَ فيهِ)) ذَكرَ ذلك شيخُنا في مقدمةِ / ٢٠٣أ / "شرحِ البخاري" (٤) وأشبعَ في ذلك، وذَكرَ قولَ مَن


(١) البرذون: يطلق على غير العربي من الخيل والبغال، ويعرف باسم (الكديش).
انظر: معجم متن اللغة ١/ ٢٦٩، والمعجم الوسيط: ٤٨.
والركض: هو استحثاث الدابة على العدو بأن يضرب جنبيها برجله.
(٢) ((بعض)) من (ف) فقط.
(٣) في (ب): ((أحداً)).
(٤) هدي الساري: ٤٢٨ - ٤٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>