للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسقطُها كذبهُ فيما هوَ من بابِ التعريضِ أو الغلو في القولِ، إذ ليسَ بكذبٍ في الحقيقةِ وإن كانَ في صورةِ الكذبِ؛ لأنَّهُ لا يدخلُ تحتَ حدِّ الكذبِ - يعني: لأنّ حدّ (١) الكذب هوَ الإخبارُ عن الشيءِ على خلافِ ما هوَ عمداً كانَ أو سهواً قالَ الشيخُ (٢) - ولا يريدُ المتكلمُ بهِ الإخبارَ عنْ ظاهرِ لفظهِ، وقد قالَ - صلى الله عليه وسلم -: ((أمّا أبو الجهمِ فلا يضعُ العصا (٣) عن عاتقِهِ (٤)))، وقد قالَ الخليلُ إبراهيمُ (٥) عليهِ الصلاةُ (٦) والسلامُ: ((هذه أختي)) (٧) (٨).

قولهُ: (افترقت فيهِ /٢٢٥ب/ الروايةُ والشهادةُ) (٩)، أي: لأنَّ كذبَهُ ذلك انعطفَ على جميعِ رواياتهِ في ما قبلَ ذلكَ، فَهدمَها وأسقطَها؛ لأنَّها نوعٌ واحدٌ والغرضُ فيها لا يشتدُّ اختلافهُ، فكما عَمَّ الماضي فكذلكَ يَعمُّ المستقبلَ احتياطاً للروايةِ.

وأمّا الشهادةُ فإنَّهُا وإنْ كانَ أمرُها أضيقَ منَ الروايةِ، أنواعُها متباينةٌ، والغرضُ


(١) لم ترد في (أ) و (ف).
(٢) مابين الشارحتين جملة اعتراضية تفسيرية من البقاعي.
(٣) في (ب): ((عصاه)).
(٤) صحيح مسلم ٤/ ١٩٥ (١٤٨٠)، والحديث مخرج بتفصيل في تعليقنا على مسند الشافعيّ
(١١٣١) و (١١٣٢).
(٥) في " شرح النووي ": ((إبراهيم الخليل)).
(٦) لم ترد في (ب) و (ف).
(٧) إشارة إلى ما قاله إبراهيم - عليه السلام - للملك الظالم عندما سأله عن زوجته سارة، وهذا الحديث أخرجه: أحمد ٢/ ٤٠٣، والبخاري ٣/ ١٠٥ (٢٢١٧)، ومسلم ٧/ ٩٨ (٢٣٧١)، والترمذي (٣١٦٦) عن أبي هريرة، به.
(٨) شرح صحيح مسلم ١/ ١٠٧ - ١٠٨.
(٩) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٣٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>