للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضَ العللِ التي ذكروها لا يعتبرها الفقهاءُ، فهمْ إنما يخالفونهم في تسميةِ بعضِ العلل علةً، لا في أَنَّ العلةَ توجدُ ولا تقدحُ، فأهلُ الحديثِ يشترطونَ في الحديثِ الذي اجتمعتْ فيهِ الأوصافُ مزيدَ تفتيشٍ حتى يغلبَ على الظنِّ أنَّهُ سالمٌ مِن الشذوذِ والعلةِ، والفقهاءُ لا يشترطونَ ذَلِكَ بل متى اجتمعتِ الأوصافُ

الثلاثةُ (١) سموهُ صحيحاً، ثمَّ متى ظهرَ شاذاً ردوهُ، قالَ: فلا خلافَ بينهما في المآلِ، وإنما الخلافُ في تسميتهِ في الحالِ بعدَ وجودِ الأوصافِ الثلاثةِ، والفريقانِ

مُجمِعونَ (٢) على أَنَّ العلةَ القادحةَ متى وُجدتْ ضرَّتْ، وتعليلُ ابنِ دقيق العيدِ في قولهِ: ((فإنَّ كثيراً مِن العللِ)) (٣) إلى آخرهِ يرشدُ إلى ذَلِكَ فإنّهُ إنما يقدحُ في استثناءِ ما فيهِ علةٌ غيرُ مقيدةٍ بأنها قادحةٌ، ومَنْ قالَ: ((غيرَ معللٍ)) لم يرد عليهِ شيءٌ؛ لأنَّ المعللَ ما /١١ب/ فيهِ علةٌ قادحةٌ كما مضى، ولمْ يتعقب ابنُ دقيق العيدِ استثناءَ الشاذِّ، وهوَ أولى بالتعقبِ مِن المعللِ؛ لأنَّ حقيقتهُ ما خالفَ فيهِ الثقةُ مُنْ هوَ أولى منهُ بحيثُ لا يتهيأُ الجمعُ بينَ الروايتينِ فقبولها (٤) مع كونِ إحداهما تنافي الأخرى لا يصحُّ، فلا بدَّ مِنْ راجحٍ هوَ السالمُ منَ الشذوذِ، ومِنْ مرجوحٍ هوَ الشاذُ (٥)، والمرجوحيةُ لا تُنافي الصحةَ.

فغايتهُ: أنْ يكونَ مِنْ باب صحيحٍ وأصحَ فيعملُ بالأصحِ الذي هوَ الراجحُ دونَ المرجوحِ الذي هوَ صحيحٌ للمعارضةِ، لا لكونهِ غير صحيحٍ، وهذا كما في الناسخِ والمنسوخِ سواء، طريقُ كلٍ منهما صحيحٌ، لكنْ قامَ مانعٌ منَ العملِ بالمنسوخِ، ولايلزمُ منهُ أنْ يكونَ غيرَ صحيحٍ)). انتهى.


(١) جاء في حاشية (أ): ((وهي الوجودية)).
(٢) في (ك): ((مجموعون)).
(٣) الاقتراح: ١٥٤.
(٤) جاء في حاشية (أ): ((يعني قبول الروايتين)).
(٥) عبارة: ((ومن مرجوح هو الشاذ)) لم ترد في (ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>