للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: إنَّ تعريفهُ غيرُ جامعٍ؛ لخروجِ المرسلِ، وابنُ الصلاحِ قد صرَّحَ بأَنَّ بعضَ أهلِ الحديثِ يصححهُ كمالكٍ، وعبارةُ ابنِ الصلاحِ واضحةٌ في قبولها الاعتراضينِ؛ فإنَّهُ قالَ بعدَ التعريفِ بما ذكرَ: ((فهذا هوَ الحديثُ الذي يحكمُ لهُ بالصحةِ بلا خلافٍ بينَ أهلِ الحديثِ، وقدْ يختلفونَ في صحَّةِ بعضِ الأحاديثِ؛ لاختلافهمْ في وجودِ هذهِ الأوصافِ فيهِ، أو لاختلافهمْ في اشتراطِ بعضِ هذه الأوصافِ كما في المرسلِ)) (١).

وقالَ الشيخُ في " النكت" (٢): ((اعترض عليهِ -أي: في تعريفهِ للصحيحِ - بأنَّ منْ يقبلُ المرسلَ لا يشترطُ أنْ يكونَ مسنداً، وأيضاً اشتراطُ سلامتهِ مِن الشذوذِ والعلةِ إنما زادها (٣) أهلُ الحديثِ كما قالهُ ابنُ دقيقِ العيدِ في " الاقتراحِ " قالَ: وفي هذينِ الشرطينِ نظرٌ (٤) ... )). إلى آخر كلامهِ.

والجوابُ: أَنَّ مَنْ يصنفُ في علمِ الحديثِ إنما يذكرُ الحدَّ مِنْ عندِ أهلهِ، لامنْ عند غيرهمْ مِنْ أهلِ علمٍ آخرَ، وفي " مقدمةِ مسلمٍ ": ((أَنَّ المرسلَ في أصلِ قولنا، وقولِ أهلِ العلمِ بالأخبارِ ليسَ بحجةٍ)) (٥)، وكونُ الفقهاءِ. والأصوليينَ لا يشترطونَ في الصحيحِ هذينِ الشرطينِ، لا يُفسدُ الحدَّ عندَ مَنْ يشترطهما، على أَنَّ المصنفَ قدِ احترزَ عنْ خلافهمْ، وقالَ بعدَ أنْ فرغَ منَ الحدِّ، وما يحترزُ بهِ عنهُ

: ((فهذا هوَ الحديثُ)) إلى آخرِ ما نقلتهُ أنا عنهُ آنفاً، قالَ: فقدِ احترزَ المصنفُ عما اعترضَ بهِ عليهِ فلمْ يبقَ للاعتراضِ وجهٌ، واللهُ أعلمُ.


(١) معرفة أنواع علم الحديث: ٨٠.
(٢) التقييد والإيضاح: ٢٠.
(٣) في جميع النسخ الخطية: ((زاده))، والمثبت من " التقييد والإيضاح ".
(٤) الاقتراح: ١٥٣.
(٥) مقدمة صحيح مسلم ١/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>