للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو موافقٌ لقولِ الشافعيِّ في " الرسالةِ " (١) في بابِ تثبيتِ خبرِ الواحدِ: ((إنَّهُ لو شكَّ فيهِ شاكٌ، قلنا: ليس لكَ عالماً أنْ تشكَ، كما ليسَ لكَ إلا أنْ تقضيَ بشهادةِ العددِ، وإنْ أمكنَ فيهمُ الغلطُ، ولكنْ تقضي بذلكَ على الظاهرِ منْ صدقهمْ، واللهُ وليُ ما غابَ عنكَ منهمْ)) (٢).

قولهُ: (خلافاً لمنْ قالَ: إنَّ خبرَ الواحدِ يوجبُ العلمَ الظاهر) (٣) قالَ شيخنا: ((إنما يكونُ ذَلِكَ مخالفاً، لو قيلَ: يفيدُ العلمَ، وأطلقَ، فأما الظاهرُ وهو غلبةُ الظنِّ على صحتهِ، فلا خلافَ في أنَّهُ يفيدهُ / ١٤أ /، لكنْ حكوا في الأصولِ عنْ أحمدَ وقومٍ منْ أهلِ الحديثِ القولَ بأنَّهُ يفيدُ العلمَ اليقينيَّ، فاللهُ أعلمُ بمرادِ الكرابيسيِّ (٤)؛ فإنَّ العبارة المذكورةَ هنا عنهُ لا تصرح بالمقصودِ، وقد نُقِلَ عن أبي بكرٍ القفالِ (٥) مثلها، وأُوِّلَ ذَلِكَ بغالبِ الظنِّ؛ لأنَّ العلمَ لا يتفاوتُ، وبهذا التأويلِ صرَّح ابنُ فوركَ (٦)،


(١) الرسالة (١٢٦١) وفي النقل تصرف.
(٢) من قوله: ((قلت: أو هو معطوف ..... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(٣) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٠٥.
(٤) هو الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي البغدادي الشافعي، فقيه أصولي محدّث، توفي سنة
(٢٤٥هـ‍). انظر: سير أعلام النبلاء ١٢/ ٧٩.
(٥) هو عبد الله بن أحمد بن عبد الله، المروزي الخراساني، أبو بكر القفال، توفي سنة (٤١٧هـ‍) وقد سمي بالقفال؛ لأنّه كان يعمل الأقفال في ابتداء أمره وبرع في صناعتها حتى صنع قفلاً بآلاته ومفتاحه وزن أربع حبات، فلما صار ابن ثلاثين سنة، آنس من نفسه ذكاءً مفرطاً وأحب الفقه، فأقبل على قراءته حتى برع فيه، وصار يضرب به المثل، وهو صاحب طريقة الخراسانيين في الفقه.
انظر: سير أعلام النبلاء ١٧/ ٤٠٥ - ٤٠٦، وشذرات الذهب ٣/ ٢٠٧ - ٢٠٨.
(٦) هو محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني المتكلم صاحب التصانيف في الأصول والعلم، توفي سنة (٤٠٦هـ‍). انظر: سير أعلام النبلاء ١٧/ ٢١٤، وشذرات الذهب ٣/ ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>