للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالَ المبردُ: ((الفَعَالُ يكونُ فِي المدحِ والذمِ) قَالَ: ((وَهُوَ مخلص لفاعلٍ واحدٍ)).

وعبارةُ الفضيل عَلَى مَا حكاهُ ابنُ الصلاحِ: ((ليس فعال (١) أهلِ الورعِ، ولا منْ فعالِ الحُكماءِ أنْ يأخذَ سماعَ رجلٍ فَيَحبسَهُ، ومنْ فعلَ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ

نفسَهُ)) (٢)، وفي روايةٍ: ((ولا منْ فعال العلماءِ أنْ يأخذَ سماعَ رجلٍ وكتابَهُ فيحبسهُ عَليهِ (٣) ومنْ فعلَ ذَلِكَ فَقَدْ ظلمَ نفسَهُ)) (٤).

قَالَ الشيخُ محيي الدين النوويُّ فِي مقدمةِ " شرحِ المهذبِ " (٥) فِي فصلٍ فِي آداب مشتركةٍ بَيْن العالمِ والمتعلمِ: ((ولا يرتضي الاستعارة مَعَ إمكانِ التحصيلِ بالملكِ، فإنِ استعاره / ٣٣٠ ب / لَمْ يبطءْ بِهِ لئلا يفوّتَ الانتفاعَ بِهِ عَلَى صاحبهِ، ولئلا يكسلَ عنْ تحصيلِ الفائدةِ مِنْهُ، ولئلا يمتنعَ منْ إعارتهِ غيرهُ)).

وقد جاءَ فِي ذمِ الإبطاءِ بردِّ الكُتبِ المستعارةِ عَنِ السَّلفِ أشياءُ كثيرةٌ نثراً ونظماً رَويناها فِي كتابِ الخطيبِ "الجامعُ لآدابِ الراوي والسامعِ" قَالَ الخطيبُ: ((وبسببِ حبسِها امتنعَ غيرُ واحدٍ منْ إعارتها)) ثُمَّ رَوَى فِي ذَلِكَ جُملاً عَن السَّلَفِ وأنشدَ فِيهِ أشياءَ كثيرةً، والمختارُ استحبابُ الإعارةِ لمنْ لا ضررَ عَليهِ فِي ذَلِكَ؛ لأنَّهُ إعانةٌ عَلَى العلمِ مع مَا فِي مطلق العارية منَ الفضلِ. روينا عَن وكيع: ((إنَّ بركةَ الحَدِيْث إعارةُ الكتبِ)) وعنْ سفيانَ الثَوريِّ: ((منْ بخلَ بالعلمِ ابتُلي بإحدى ثلاثٍ: أنْ ينساهُ، أَوْ يموتَ ولا ينتفعُ بِهِ، أَوْ تذهبَ كتبهُ)).


(١) في (ف): ((من فعال)) وكذلك هي في "الجامع لأخلاق الراوي" و"معرفة أنواع علم الحديث".
(٢) الجامع لأخلاق الرَّاوي (٤٨٥).
(٣) الجامع لأخلاق الرَّاوي (٤٨٥).
(٤) معرفة أنواع علم الحديث: ٣١٥.
(٥) المجموع ١/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>