للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولُهُ: (لا سِيَّمَا في اللَّحْنِ الذي لا يختلفُ المعنى بهِ) (١) معناه أنَّ إصلاحَ هذا آكدُ من إصلاحِ غيرِهِ. وهذا معنى قولهِ في النظمِ: ((وَهْوَ الأَرْجَحُ)) (٢)، أي: أنَّ الاصطلاحَ جائزٌ أعمُّ من أن يكون مغيراً للمعنى أو لا، وإصلاح ما لا يُغَيِّر أرجحُ.

قولُهُ: (لازمٌ) (٣) فيه نظرٌ؛ لأنَّ أكثرَ ما فيهِ أنْ يتأكدَ الجوازُ؛ لأنَّ الغرضَ أنَّهُ لا يغيرُ المعنى، فردُّهُ إلى الصوابِ جائزٌ عندَ من أجازَ الروايةَ بالمعنى، وروايتهُ على ما وجدَ من اللحنِ مؤديةٌ إلى الكذبِ على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وأمَّا اللزومُ فمن أينَ؟ لا يحصلُ الخلاصُ بأنْ يرويهِ على ما هو عليهِ، ثم يقولَ: هكذا وقعَ في روايتنا، كما سيأتي عن الإمامِ أحمدَ.


(١) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٥١٣.
(٢) التبصرة والتذكرة (٦٤٣).
(٣) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٥١٣، وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: ٣٢٨.
وقال السخاوي في " فتح المغيث " ٢/ ٢٣٣: ((فقوله لازم يحتمل الوجوب؛ لأنه إذا جاز التغيير في صواب اللفظ فلا يمتنع أن يجب في خطئه؛ ولكن الظاهر أنه إنما أراد مجرد إلزامهم القول به لكونه آكد، لا سيما وقد صرح الخطيب بالجواز فقال: وقد أجاز بعض العلماء أن لا يذكر الخطأ الحاصل في الكتاب إذا كان متيقناً، بل يروى على الصواب، بل كلامهم في الكفاية قد يشير إلى الاتفاق عليها؛ فإنه قال: إذا كان اللحن يحيل المعنى فلا بد من تغييره وكثير من الرواة يحرفون الكلام عن وجهه ويزيلون الخطاب عن موضعه، وليس يلزم من أخذ عمن هذه سبيله أن يحكي لفظه إذا عرف وجه الصواب، وخاصة إذا كان الحديث معروفاً، ولفظ العربية به ظاهراً معلوماً، ألا ترى أن المحدّث لو قال: ((لا يؤم المسافر المقيم)) بنصب المسافر ورفع المقيم، كان قد أحال المعنى فلا يلزم اتباع لفظه)).
انظر: الكفاية: ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>