للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ الراويَ يَقتصرُ على الإسنادِ الثاني، ويَسوقُ لفظَ الحديثِ المذكورِ، عَقِبَ الإسنادِ الأوَّلِ في قولهِ: أي أجازَ ما قَدَّمناهُ - (١) في قولهِ: ((مِثْلهُ) ولم يُجزْهُ في قولهِ: ((نحوهُ)))) (٢).

قالَ الخطيبُ: ((وهذا القولُ على مَذهَب ... )) (٣) الخ.

وهذا ذهابٌ منهم إلى أنّ ((المثلَ)) عندَ سُفيانَ، ويَحيَى بمعنى: ((العينِ))، وهذا كلُّهُ فيما إذا أَدرَجَ المتنَ على السّندِ الثاني، ولم يُبيّنْ أنّه لسندٍ آخرَ. وأمّا

إذا بَيّنَ فقد تَقدّمَ ما نَقَلَهُ الخطيبُ في تجويزِ غيرِ واحدٍ من أهلِ العلمِ لهُ وأنَّه اختارَهُ.

وعلى كُلِّ تقديرٍ ففي ذلكَ نَظَرٌ؛ لأنَّ قولَهُ أنَّه على مَذهَبِ مَن مَنَعَ الروايةَ بالمعنى، إن كانتِ الإشارةُ فيهِ إلى قولِ مَن شَرَطَ التَّحفُّظَ بتمييزِ الألفاظِ، وعدِّ الحروفِ، وكذا ما جَعَلَ ابنُ الصَّلاحِ له بهِ تعلُّقاً ممّا نَقَلهُ مَسعودٌ، عن الحاكمِ، فهوَ واضحٌ مُنتظِمٌ.

فإنَّ مَن كانَ كذلكَ لم يطلقْ ((مثلَهُ)) إلا فيما قابلهُ فوافقَتْ حروفُهُ حروفَ المتنِ المذكورِ فكانَ إياهُ، فَجازَ نقلُهُ؛ لأنَّه هو المتنُ المتقدِّمُ بعينهِ، وأمَّا مَن لم يُعرفْ منهُ هذا التحفُّظ لم يجزْ مثلَ ذلكَ فيما قالَ فيهِ: ((مثلهُ)) لأنَّه لم يوثقْ بكونهِ عينَ الحديثِ المذكورِ، فدَارَ الأمرُ على أنَّ الجوازَ تابعٌ للعلمِ باتّحادِ اللفظِ، والمنعَ تابعٌ للشكِّ فيهِ.

وإنْ كانتِ الإشارةُ فيهِ إلى قولِ ابنِ مَعينٍ ونحوهِ لم يصحَّ؛ لأنَّهم لو كانُوا يمنعونَ الروايةَ بالمعنى لما اختلفوا في ((مثلِ)) فَمَنعَ فيها شعبةُ وأجازَ فيها غيرُهُ.


(١) ما بين الشارحتين جملة توضيحية من البقاعي.
(٢) معرفة أنواع علم الحديث: ٣٤٠.
(٣) الكفاية: ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>