للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروايةَ التي فيها أكثرُ صواباً؛ لأنَّ أكثريةَ الصوابِ يمكنُ أنْ تحملَ على استنباطِ الفقهِ، أو غيرِ ذَلِكَ مما لا يرجعُ إلى صحةِ جميعِ ما ساقهُ منَ الحديثِ، وإلى الروايةِ التي ساقها المصنفُ أشارَ ابنُ الصلاحِ بقولهِ: ((ومنهمْ مَنْ رواهُ بغيرِ هذا اللفظِ)) (١) فإنْ قيلَ: قد صنعَ البخاريُّ في إخراجِ التعاليقِ صنيعَ مالكٍ في البلاغاتِ، قيلَ: نعمْ، لكنَّ مالكاً ساقَ الكلَّ مساقَ المسندِ في الاحتجاجِ بهِ لكونهِ صحيحاً، وأما البخاريُّ فلمْ يوردْها موردَ المسانيدِ، فهيَ عندهُ ليستْ مقصودةً بالذاتِ، بدليلِ أنَّهُ سمَّى كتابهُ " الجامعَ /٢١أ / المسندَ الصحيحَ "، فما رأينا فيهِ مما ليسَ بمسندٍ علمنا أنَّهُ لمْ يرد بذكرهِ كونهُ صحيحاً، بلْ قصدَ أمراً آخرَ، ومقاصدهُ في ذَلِكَ مختلفةٌ، تُعرفُ بكثرةِ ممارسةِ كلامهِ، وشرحُ شيخنا حافظِ العصرِ وافٍ ببيانها، ولأجلِ هذا لم يعترضْ أحدٌ ممنِ انتقدَ عليهِ بشيء منها.

قالَ شيخنا: ((والذي حرّكَ عزمهُ لتصنيفِ الصحيحِ، وقوَّاه عليهِ، ما رواهُ إبراهيم بنُ معقلٍ النسفيُّ، قالَ: سمعتُ البخاريَّ يقولُ: كنا عندَ إسحاقَ بنِ راهويهِ (٢)، فقالَ: لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيحِ سنةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: فوقعَ


(١) معرفة أنواع علم الحديث: ٨٤.
وانظر عن هذا اللفظ: نكت الزركشي ١/ ١٦٥، ونكت ابن حجر ١/ ٢٨١، وحاشية محققة محاسن الاصطلاح: ٩٠.
(٢) قال الزركشي في نكته ١/ ١٢٩: ((يجوز في (راهويه) فتح الهاء والواو وإسكان الياء، ويجوز ضم الهاء وإسكان الواو وفتح الياء، وهذا الثاني هو المختار، وعن الحافظ جمال الدين المزي أنه قال: غالب ما عند المحدّثين (فعلويه) -بضم ما قبل الواو - إلا (راهويه) فالأغلب فيه عندهم فتح ما قبل الواو)). وانظر: الأنساب ٣/ ٣٧، وسير أعلام النبلاء ١١/ ٣٥٨، وتدريب الراوي ١/ ٣٣٨.
أما معناه فقد قال الزركشي ١/ ١٣١: ((واعلم أن (راهويه) لقب لجده، وسمي بذلك؛ لأنّه ولد في الطريق، والرهو: الطريق، وكان أبوه يكره أَنَّ يسمى به)).
وانظر: تهذيب الكمال ١/ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>