للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "الترمذي" من حديث أبي سعيد الخدري عنه : "إن أحب الناس إلى اللَّه يوم القيامة وأقربهم مني مجلسًا إمام عادل، وأبغض الناس إلى اللَّه يوم القيامة وأشدهم عذابًا إمام جائر" (١).

فالإمام العادل والغنيّ قد يتأخر دخوله للحساب، ويكون بعد الدخول أرفع منزلة من الفقير السابق. ولا يلزم من احتباس عبد الرحمن بن عوف لكثرة ماله حتى يحاسبه عليه ثم يلحق برسول اللَّه وأصحابه، ولا غضاضة ولا نقص من مرتبته، ولا يضاد ذلك سبقه وكونه مشهودًا له بالجنة.

وأما حديث دخوله الجنة زحْفًا؛ فالأمر فيه كما قاله الإمام أحمد أنه كذب منكرٌ، وكما قال النسائي: إنه موضوع (٢).

ومقامات عبد الرحمن في الإسلام وهجرتُه وجهاده ونفقاته العظيمة وصدقاته = تقتضي دخوله إلى الجنة مع المارّين كالبرق أو كالطرف أو كأجاويد الخيل، ولا يدعه يدخلها زحفًا.


(١) "جامع الترمذي" رقم (١٣٢٩) بلفظ: "إن أحبّ الناس إلى اللَّه يوم القيامة وأدناهم منه مجلسّا: إمام عادل، وأبغض الناس إلى اللَّه وأبعدهم منه مجلسا: إمام جائر". وقال: "حديث حسن غريب".
(٢) وقد سبق ذلك قريبًا.
واعلم أنه لا تعارض في كلام ابن القيم هنا، كما قد يظنه البعض، فالأحاديث الواردة في حق الصحابي الجليل هنا نوعان: حديث احتباسه وتأخره، وأحاديث دخوله الجنة حبوًا أو زحفًا. أما حديث الاحتباس فلا يصل عند ابن القيم إلى مرتبة الموضوع والكذب بخلاف، حديث الزحف. واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>