للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

واللَّه سبحانه كما هو خالق الخلق، فهو خالق ما به غناهم وفقرهم، وخالق غناهم وفقرهم، فخلَقَ الغنى والفقر ليبتلي بهما عباده أيهم أحسن عملًا، وجعلهما سببًا للطاعة والمعصية والثواب والعقاب، قال تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (٣٥)[الأنبياء: ٣٥]. قال ابن عباس: "بالشدة والرخاء والصحة والسقم والغنى والفقر والحلال والحرام، وكلها بلاء" (١).

وقال ابن زيد: "نبلوكم بما تحبون وما تكرهون؛ لننظر كيف شكركم وصبركم فيما تحبون وفيما تكرهون" (٢).

وقال الكلبي: "الشرّ بالفقر والبلاء، والخير بالمال والولد" (٣).

فأخبر سبحانه أن الغنى والفقر مطيّتا الابتلاء والامتحان.

وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (١٦) كَلَّا﴾ [الفجر: ١٥ - ١٧] فأخبر سبحانه أنه يبتلي عبده بإكرامه له وتنعيمه له، وبسط الرزق عليه، كما يبتليه بتضييق الرزق وتقديره عليه، وأن كليهما ابتلاء منه وامتحان.

ثم أنكر سبحانه على من زعم أن بسط الرزق وتوسعته إكرام من اللَّه


(١) رواه ابن جرير في "تفسيره" (١٧/ ٢٥)، واللالكائي في "شرح الاعتقاد" رقم (١٠٠٧).
(٢) رواه ابن جرير في "تفسيره" (١٧/ ٢٥).
(٣) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>