الإيمان في العمل الذي حبط وبطل، وأنجاه إيمانه من الخلود في النار، وإن دخلها بحبوط عمله الذي به النجاة المطلقة.
فالإيمان إيمانان: إيمان يمنع دخول النار، وهو: الإيمان الباعث على أن تكون الأعمال للَّه يُبتغى بها وجهه وثوابه. وإيمان يمنع الخلود في النار، فإن كان مع المرائي شيء منه، وإلا كان من أهل الخلود، فالآية لها حكم نظائرها من آيات الوعيد، واللَّه الموفق.
فهذه ثلاثة مواضع من القرآن يشبه بعضها بعضًا، ويصدّق بعضها بعضًا، وتجتمع على معنى واحد، وهو: أن من كانت الدنيا مراده، ولها يعمل، وهي غاية كَدْحِهِ (١)، لم يكن له في الآخرة نصيب. ومن كانت الآخرة مراده، ولها عمله، وهي غاية سعيه، فهي له.
بقي أن يُقال: فما حكم من يريد الدنيا والآخرة، فإنه داخل تحت حكم الإرادتين فبأيهما يلحق؟
قيل: من هاهنا نشأ الإشكال وظن من ظن من المفسرين أن الآية في حق الكافر، فإنه هو الذي يريد الدنيا دون الآخرة، وهذا غير لازم طردًا ولا عكسًا؛ فإن بعض الكفار قد يريد الآخرة، وبعض المسلمين قد لا