المقصود أن هذا الكلام –قصد الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمة الله عليه- بالأحاديث الصحاح يعني المقبولة، التي أعم من الصحة الاصطلاحية، التي تدخل الحسن في القبول، وهذا جارٍ على مذهب من لا يفرق بين الصحيح والحسن، كابن خزيمة وابن حبان وجمع من أهل العلم، لا فرق بين الحسن والصحيح عندهم، ما دام في دائرة القبول فهو صحيح.
انتهينا من كلمة الأحاديث الصحاح.
التي تلاقها أهل المعرفة بالقبول حينئذٍ يجب الإيمان بها، أيش معنى التلقي بالقبول؟ هل مراد شيخ الإسلام ابن تيمية بالتلقي بالقبول الذي يجعل الخبر مقطوعاً به وإن كان من الآحاد في الأصل؟ أو مراده الذي يقبله أهل المعرفة، ويحتجون به ويستدلون به؟ لأن التلقي بالقبول مرتبة فوق الصحة؟.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"وما وصف الرسول -صلى الله عليه وسلم- به ربه -عز وجل- من الأحاديث الصحاح".
عرفنا أن هذا اللفظ لا يخرج الحسان، اصطلاح البغوي -رحمه الله تعالى- حينما يقول: من الصحاح ومن الحسان، يعني يقسم كتابه إلى قسمين -أعني المصابيح- من الصحاح ومن الحسان، فالصحاح غير الحسان، لكن شيخ الإسلام -رحمه الله- لا يخرج الحسان بدليل أن قاعدته مطردة الاستدلال بالحديث الحسن في العقائد، وعرفنا مثال من الكلام الذي في هذا الفصل، وسيأتي في إثبات صفة العجَب أنه حديثٌ حسن، قال: حديث حسن، يعني بعد بضعة أسطر.
"الصحاح التي تلقها أهل المعرفة بالقبول".
هناك أحاديث تلقها أهل العلم بالقبول، بمعنى أنهم لم يختلفوا فيها، لا في ثبوتها ولا في دلالتها، فتلقوها بالقبول، وعملوا بها، وتتابعوا على قبولها والعمل بها، فمثلاً حديث ((الأعمال بالنيات)) تلقته الأمة بالقبول، حديث مثلاً:((لا وصية لوارث)) تلقاه العلماء بالقبول، هناك أحاديث نص أهل العلم على أن العلماء تلقوها بالقبول، فهل هذه الأحاديث هي مراد الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بهذا الكلام أو غيرها؟ أو أنه وصفٌ للصحاح؟ وصفٌ كاشف، تصريح بما هو مجرد توضيح، التي من شأنها أن يقبلها أهل العلم؛ لأن أهل العلم لا يقبلون إلا ما صح، إلا ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني هل هناك فرق بين الاحتمالين؟