يعني لو حصل ابتلاء أو امتحان في القرآن كما حصل في عهد الإمام أحمد -رحمه الله- وأراد أن الإنسان أن يوري وبيده مصحف قال: هذا مخلوق، ويريد بذلك الجلد والورق وأشباه ذلك لا شك أن التورية فيها مندوحة عن الكذب، وقول الباطل، ومن صبر على العزيمة فهو لا شك أنه أفضل.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الشيخ -رحمه الله- ذكر في مقدمة الفصل أهمية السنة، ومنزلة السنة من القرآن، وأنها تثبت بها جميع أبواب الدين، تثبت بها الأحكام والفضائل والعقائد وغير ذلك، متواترها وآحادها، تثبت بذلك العقائد والأحكام والفضائل والتفسير والمغازي، تثبت بها القراءة، وغير ذلك مما يحتاجه المسلم.
فهي مصدر كالقرآن من حيث أن الكل من عند الله، وأن السنة وحي {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(٣ - ٤) سورة النجم] من هذه الحيثية هي مثل القرآن، لكن العلماء يجعلون المنزلة والمرتبة دون باعتبار الثبوت، القرآن ثبوته قطعي، والسنة ليست مثله في قطعية الثبوت إلا ما تواتر منها، ولذلك يجعلون المصادر يرتبونها القرآن ثم السنة، وإلا فالأصل فيما لو صح الخبر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فلزوم العمل به كلزومه بالقرآن.
وعرفنا ما في هذه المقدمة من كلامٍ ووجهنا بعض كلام الشيخ -رحمه الله تعالى-، ثم ذكر الأمثلة على ذلك من السنة مما يثبت به الصفات.
فيقول:
"ومن ذلك مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ )) متفق عليه" والحديث في الصحيحين، هنا في البخاري في باب الدعاء والصلاة من آخر الليل، وقال الله -عز وجل-: {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [(١٧) سورة الذاريات] أي ما ينامون، {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [(١٨) سورة الذاريات].