"وقد جاء هذا الحديث من طريق أيضاً أخرجه مسلم من رواية أبي إسحاق السبيعي عنه عن أبي هريرة وأبي سعيد جميعاً مرفوعاً، وغلط من جعلهما واحداً، ورواه عن أبي هريرة أيضاً سعيد بن مرجانة وأبو صالح عند مسلم وسعيد بن المقبري وعطاء مولى أم صُبية بالمهملة مصغراً، وأبو جعفر المدني ونافع بن جبير بن مطعم كلهم عند النسائي، وفي الباب -يعني الشواهد-، عن علي وبن مسعود وعثمان بن أبي العاص وعمرو بن عبسة عند أحمد، وعن جبير بن مطعم ورفاعة الجهني عند النسائي، وعن أبي الدرداء وعبادة بن الصامت وأبي الخطاب غير منسوب عند الطبراني، وعن عقبة بن عامر وجابر وجد عبد الحميد بن سلمة عند الدارقطني في كتاب السنة، وسأذكر ما في رواياتهم من فائدة زائدة".
فالحافظ -رحمه الله- حينما ذكر هذه الشواهد لهذا الخبر ليبين أن الخبر متواتر، يعني من حيث الثبوت نحلف بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال هذا الكلام. فثبوته قطعي لا إشكال فيه ولا مراء.
"قوله عن أبي سلمة وأبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة في رواية عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو عبد الله الأغر صاحب أبي هريرة أن أبا هريرة أخبرهما".
شوف المخالفات الآن التي بتيجي في كلام الحافظ؛ لأن كلام الحافظ أورد كلام المخالفين من الطوائف كلهم، ممن يتأول الحديث، وممن ينفي ثبوت الحديث، وممن ينكر صفة العلو لله -جل وعلا- وممن ينكر النزول، يعني جيت بكلام الحافظ؛ لأنه يمثل الطرف الآخر ممن ينكر ثبوت الحديث ذكرهم الحافظ، الحافظ -رحمه الله- لا يتردد في أن الحديث ثابت، وأنه مقطوع بثبوته عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأورد طرقه، وسيأتي كلام ابن العربي وغيره في هذا الحديث، ثم بعد ذلك ...
ولنا الصفة -التي هي صفة النزول- عند أهل السنة ثابتة لله -جل وعلا- ثبوتاً قطعياً بهذا الحديث وغيره هذا من حيث الثبوت، أما الكيفية فالله أعلم بها، ((ينزل ربنا -جل وعلا- إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل)) ويقول: ما يقول هذا لا إشكال فيه، نزولاً يليق بجلاله وعظمته ولا نستطيع أن ندقق في الكيفية ولا غيرها؛ لأن هذا أمرٌ غيبي لا يدرك إلا بنص ولا نص.