ولذا لما قال ابن بطوطة حينما دخل دمشق أنه رأى شخصاً كثير العلم قليل العقل يخطب على منبر جامع بني أمية في دمشق، ثم أورد حديث النزول، فقال: ينزل كنزولي هذا، ثم نزل من درج المنبر، هذا كلام ابن بطوطة، أهل العلم كذبوه في هذا، وأن شيخ الإسلام لا يمكن أن يقع في مثل هذا، والأمر الثاني مما يدل على أنه كذبٌ قطعاً، أن الشيخ في الوقت الذي دخل في ابن بطوطة دمشق كان في السجن، فدل على أن هذه فرية.
"قوله: ((ينزل ربنا إلى السماء الدنيا)) استدل به من أثبت الجهة".
لأن النزول إنما يكون من جهة العلو، فهو في جهة العلو -جل وعلا-.
يقول:"استدل به من أثبت الجهة، وقال: هي جهة العلو".
وهذا هو المؤكد المحرر المحقق عند سلف هذه الأمة، وأحاديث العلو وإثبات صفة العلو لله -جل وعلا- الأدلة الدالة عليها لا تكاد تحصر، وابن القيم -رحمه الله- في نونيته ذكر كثيراً منها.
قال:"وهي جهة العلو، وأنكر ذلك الجمهور؛ لأن القول بذلك يفضى إلى التحيز تعالى الله عن ذلك".
أنكر ذلك الجمهور من الجمهور؟
طالب:. . . . . . . . .
الشيخ ابن باز -رحمه الله- علق على ذلك فقال: المراد بالجمهور جمهور أهل الكلام، وأما أهل السنة وهم الصحابة -رضي الله عنهم- ومن تبعهم بإحسان فإنهم يثبتون لله الجهة، وهي جهة العلو، ويؤمنون بأنه سبحانه فوق عرشه، فوق العرش بلا تمثيل ولا تكييف، والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة أكثر من أن تحصر، فتنبه واحذر، والله أعلم.
لا مانع من إثبات الجهة التي هي جهة العلو، العلو ثابتٌ لله -جل وعلا- بجميع أنواعه، علو الذات وعلو القدر، وعلو القهر، أنواع العلو كلها ثابتة لله -جل وعلا-.
يقول ابن حجر:"وأنكر ذلك الجمهور".
وعرفنا أن مراده بالجمهور جمهور المتكلمين؛ وإن كانت العبارة موهمة لكن عامة أهل العلم من سلف هذه الأمة كلهم يقولون: أنه في العلو.
"لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز تعالى الله عن ذلك، وقد اختلف في معنى النزول على أقوال: فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته، وهم المشبهة تعالى الله عن قولهم".