لكن هؤلاء المثبتة إن أثبتوا أن نزوله -جل وعلا- كنزول المخلوق فكلامه صحيح هؤلاء هم المشبهة، وإن كان نزوله يليق بجلاله وعظمته من غير مشابهة للمخلوقات فهذا كلام أهل السنة.
"فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته وهم المشبهة تعالى الله عن قولهم، ومنهم الثاني: من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة، وهم الخوارج والمعتزلة وهو مكابرة".
يعني الإنكار مكابرة، ما دام الخبر ثبت وصح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فإنكاره لا شك أنه معاندة ومكابرة، ومحادة لله ورسوله.
"والعجب إنهم أولوا ما في القرآن من نحو ذلك، وأنكروا ما في الحديث إما جهلاً، وإما عناداً".
يعني الأدلة التي تدل على العلو من الكتاب لا يستطيعون إنكارها، لكنهم أولوها، أما ما جاء في السنة فمن السهل جداً أن يقول المبتدع: هذا خبر آحاد، وخبر الواحد لا تثبت به العقائد، وينتهي، والله المستعان.
يقول:"والعجب أنهم أولوا ما في القرآن من نحو ذلك، وأنكروا ما في الحديث إما جهلاً، وإما عناداً، ومنهم من أجراه على ما ورد مؤمناً به على طريق الإجمال، منزهاً الله تعالى عن الكيفية والتشبيه، وهم جمهور السلف، ونقله البيهقي وغيره عن الأئمة الأربعة، والسفيانين والحمادين والأوزاعي والليث وغيرهم، ومنهم من أوله على وجه يليق مستعملٍ في كلام العرب، ومنهم من أفرط في التأويل حتى كاد أن يخرج إلى نوع من التحريف".
ولا شك أن التأويل الذي لم يدل عليه دليل تحريف للمعنى، وإن لم يكن تحريفاً للفظ.
يقول:"ومنهم من أجراه على ما ورد مؤمناً به على طريق الإجمال، منزهاً الله تعالى عن الكيفية والتشبيه وهم جمهور السلف، ونقله البيهقي عمن ذكر".
يعني الأئمة الأربعة والسفيانين والحمادين والأوزاعي والليث وغيرهم.
"ومنهم من أوله على وجه يليق مستعمل في كلام العرب، ومنهم من أفرط في التأويل حتى كاد أن يخرج إلى نوع من التحريف، ومنهم من فصل بين ما يكون تأويله قريباً مستعملاً في كلام العرب وبين ما يكون بعيداً مهجوراً، فأول في بعض، وفوض في بعض، وهو منقول عن مالك، وجزم به من المتأخرين بن دقيق العيد".