((ما منكم من أحد)) (ما) هذه نافية، ومنكم الخطاب لكل من يتأتى أو يمكن أن يتجه إليه الخطاب من هذه الأمة، والكلام هذا يشمل الجميع، كل من يتجه إليه الخطاب من المكلفين ((إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان)) وهذا الكلام كلام تقرير وليس بكلام تشريف بحيث يختص بالمؤمنين، إنما كلٌ سيكلم وكلٌ سيحاسب ((ليس بينه وبينه ترجمان)) يعني بلغته، إنما الترجمان إنما يطلب حينما تختلف اللغة، لغة المتحدث والمحدَث، فالترجمان هو الذي ينقل الكلام من لغة إلى لغة، وقد يطلق على من يبلغ الكلام ولو كان باللغة نفسها، فقد جاء في صحيح البخاري عن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي أنه كان يترجم بين يدي ابن عباس، يعني أنه يبلغ كلام ابن عباس إلى من لا يسمعه، وهذا يسمى عند أهل العلم يسمونه المستملي، المستملي هو الذي يبلغ كلام الشيخ إلى الجموع التي لا تسمع، والترجمان هو الذي ينقل من لغة إلى لغة، هذا الأصل وقد يستعمل في اللغة نفسها في تبليغ الكلام الذي لا يسمع ((ما منكم من أحد)) أحد هذه نكرة في سياق النفي، فتعمُّ كل من يمكن أن يوجه إليه الخطاب ((إلا سيكلمه ربه)) وهذا في القيامة ((وليس بينه وبينه ترجمان)) فيقرره على أعماله ويحاسبه ويناقشه، أحدٌ يحاسب وأحدٌ تعرض أعماله عرض، والله المستعان. وفي هذا إثبات صفة الكلام ((سيكلمه ربه)) صفة الكلام لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته.
وأما مسألة أو صفة العلو التي أورد فيها المؤلف -رحمه الله تعالى- نصوص قد تكون أكثر من غيرها فتؤجل إلى استئناف الدروس -إن شاء الله تعالى-، وسوف يعلن عنها، وأما هذا الدرس فهو آخر الدروس بالنسبة لهذه السنة، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب: هل يفهم من ذلك أن الله عز وجل تكلم بلغة؟
كلٌ يكلمه بكلامٍ يفهمه لا يحتاج فيه إلى ترجمان هذا مقتضى النص.