يعني يرد علينا في بعض ما يحدث في مخلوق ما يقتضي أننا لا بد في النهاية نسلم، وضربنا مثال ما جاء في الصحيح أن الشمس تسجد تحت العرش في كل ليلة، تحت العرش وتستأذن في كل ليلة، طيب ألا يلزم من ذلك أنه يخلو عنها مدارها في وقتٍ من الأوقات، والمتقرر عند علماء الهيئة وغيرهم أنها في مدارها، أربعة وعشرين ساعة، تطلع على هؤلاء وتغرب عن هؤلاء إلى آخره، ومع ذلكم نجزم بأنها تسجد تحت العرش، ونقول سجود حقيقي؛ لأنه هو الأصل في التعبير، هو الأصل في النصوص الحقيقة، فلا بد من التسليم، وما جاء عن الله ورسوله كله حق، ولا يمكن أن يأتي في النصوص الصحيحة الصريحة شيءٌ من التعارض والتباين، بل هي متحدة متسقة، وما جاء من مختلف الحديث، وما ظاهره التعارض، إنما هو بالنسبة لما يظهر للمجتهد، وإلا في حقيقة الأمر لا تعارض ولا اختلاف، كل حديثين متعارضين في الظاهر لا بد من الجمع بينها إذا كانا صحيحين، وإلا يحكم على أحدهما بأنه راجح والآخر مرجوح، والمرجوح عند أهل العلم يسمونه -إذا لم يمكن الجمع- يسمى الشاذ عند أهل العلم المرجوح.
نأتي إلى النصوص، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وقوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [(٤) سورة الحديد] يعني المجموع السماوات والأرض في ستة أيام {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} بعد أن يخلق السماوات والأرض استوى على العرش، لكن هل معنى هذا أن السماوات والأرض قبل العرش، أو أنه خلق العرش ثم لم يتم الاستواء عليه إلا بعد أن خلق السماوات والأرض هذا مقتضى العطف بثمَّ، معروف أن أول المخلوقات العرش، والخلاف ذكرناه فيما سبق في آيات الاستواء في الأول العرش أو القلم في قول ابن القيم:
والحق أن العرش قبلٌ لأنه ... وقت الكتابة كان ذا أركان
فالعرش متقدم على الجميع، فعلى هذا الترتيب زمني وإلا ذكري؟ \
طالب:. . . . . . . . .
استواء ذكري وإلا زمني؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا، ما يمنع أن يكون العرش قبل ثم السماوات ثم الاستواء بعدهما.