للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

هم يقولون: ترتيب ذكري ما يلزم منه الزمن {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ} [(٤) سورة الحديد] يعني ما يدخل في الأرض، يعلم ما يلج في الأرض مما ينزل من فوق، من العلو، من مطرٍ وغيره، يعلم ما يدخل في هذه الأرض وما يخرج منها من نباتٍ ونحوه، كل هذا يعلمه الله -جل وعلا- لا يخفى عليه منه شيء، لا قطرة ماء ولا أدنى ما ينبت من الأرض وما يخرج منها، {وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء} من ينزل من السماء يعلمه الله -جل وعلا-، {وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} يعرج فيها وإلا يعرج إليها؟

طالب:. . . . . . . . .

ما يعرج إليها؟

طالب:. . . . . . . . .

طيب.

ما يعرج فيها، نحن بين أمرين: إما أن نضمن العروج معنى الدخول؛ لأن الدخول يعدّى بـ"في" أو نضمن الحرف معنى "إلى" فنقول ما يعرج إليها أو ما يدخل فيها، وأيهما أولى تضمين الفعل أو تضمين الحرف؟

عند شيخ الإسلام تضمين الفعل أولى، تضمين الفعل معنىً يتعدى بالحرف نفسه، {وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ} وهذا هو الشاهد، يعني مع كونه مستوٍ على عرشه، مع كونه -جل وعلا- مستوياً على عرشه هو معكم، {أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [(٤) سورة الحديد] يعني مبصر لأعمالكم، فهو معكم ببصره، بعلمه، بسمعه، فهو يعلم ويسمع ويبصر ما تعملون، ومقتضى ذلك أنه إذا كان معنا، إذا استحضرنا مثل هذا النص لا بد أن تكون منزلة المراقبة لله -جل وعلا- عاملة عملها فينا، وهي مرتبة الإحسان، إذا كان الله -جل وعلا- معنا يسمع كلامنا ويبصر أعمالنا {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [(٤) سورة الحديد] ويسمع كلامنا، ويرانا أين ما كنا، وهو معنا أين ما كنا، فلا بد أن نراقبه، لا بد من أن نراقب الله -جل وعلا- في جميع أعمالنا، وهذه مرتبة الإحسان التي هي: أن تعبد الله -جل وعلا- كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

في قول الشاعر:

إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل ... خلوت ولكن قل عليَّ رقيب

لا هي نونية "يراني".

وإذا خلوت بريبة في ظلمة ... والنفس داعية إلى الطغيان

فاستحِ من نر الإله وقل لها ... إن الذي خلق الظلام يراني

<<  <  ج: ص:  >  >>