أحدها: أن كلام الله هو ما يفيض على النفوس من المعاني، إما من العقل الفعّال عند بعضهم، أو من غيره، وهذا قول الصائبة والمتفلسفة.
وثانيها: أنه مخلوق، خلقه الله منفصلاً عنه، وهذا قول المعتزلة.
وثالثها: أنه معنىً واحد، قائمٌ بذات الله، هو الأمر والنهي والخبر والاستخبار، إن عبر عليه بالعربية كان قرآناً، وأن عبر عنه بالعبرانية كان توراةً، إلى آخره، وهذا قول: ابن كلاّب ومن وافقه كالأشعري وغيره. ويقولون حينئذٍ: القرآن عبارة عن المعنى، وابن كلاب يقول: حكاية، والأشاعرة يقولون: عبارة، القرآن عبارة عن كلام الله، وابن كلاب يقول: حكاية عن كلام الله. ويكثر في كلام المتعلمين الآن فيما يقوله الله -جل وعلا- حكاية عن كذا، حكاية عن موسى، يعني أن الله -جل وعلا- قاله على لسان فلان، فهذه الجملة هذه الكلمة تجتنب؛ لئلا نوافق المبتدعة.
الأمر الثاني: كلمة عبارة ابتذلها الناس، واستعملوها في غير موضعها، يقول لك مثلاً: هذا القلم عبارة أو هذا عبارة عن قلم، كيف عبارة؟! هذا قلم، كيف عبارة عن قلم؟ هذا عبارة عن كتاب، وهذه عبارة عن سيارة، وهذه عبارة عن كذا، يعني إقحام للشيء في غير موضعه.
رابعها: أنه حروفٌ وأصوات أزلية مجتمعة في الأزل، وهذا قول طائفة من أهل الكلام.
وخامسها: أنه حروفٌ وأصوات، لكن تكلم الله بها بعد أن لم يكن متكلماً، وهذا قول الكرّامية وغيرهم.
وسادسها: أن كلامه يرجع إلى ما يحدثه من علمه وإرادته القائم بذاته، وهذا يقوله صاحب المعتبر، المعروف: هبة الله بن ملكى، وهو طبيب، المعتبر مطبوع في الهند في مجلدين معروف يعني متداول، وإليه يميل الرازي في المطالب العالية.
وسابعها: أن كلامه يتضمن معنىً قائماً بذاته هو ما خلقه في غيره، وهذا قول: أبي منصور الماتريدي.
وثامنها: أنه مشترك بين المعنى القديم القائم بالذات، وبين ما يخلقه في غيره من الأصوات، وهذا قول: أبي المعالي ومن تبعه.