مسألة الانفصال والاتصال، فالمعتزلة يقولون: منفصلٌ عنه، خلقه كغيره من المخلوقات، يعني كما يخلق فلان من بني آدم، منفصلاً عنه، والماتريدية يقولون: هو معنىً قائم بذاته، وفي الوقت نفسه هو ما خلقه في غيره، كأن الماتريدية يوافقون المعتزلة بمسألة الخلق، إلا أنهم لما أُلزم المعتزلة بصحة كلام فرعون -على حد زعمهم- على قول المعتزلة يكون كلام فرعون:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} صحيح، مثل الشجرة أيش الفرق؟ لما ألزموا بهذا، قالوا: هو معنىً قائم بذاته -جل وعلا- هو ما خلقه في غيره، وهذا تناقض؛ لأن هذه المذاهب الباطلة المخالفة للكتاب والسنة هي تبدأ في أول الأمر بمخالفة يسيرة، ثم تتطور يكون لهذه المخالفة لازم، يلزم عليها لازم، ثم يناقش المتبني لهذا القول، فيلتزم باللازم؛ لأن كل قول له لازم، يعني مثل ما يقول أهل السنة في إثبات الرؤية، يقول المبتدعة: لو أثبتنا الرؤية للزم منها أن يكون الله -جل وعلا- جسم يرى، والقاعدة عند أهل السنة أنهم يثبتون ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله -عليه الصلاة والسلام- وعلى الكيفية التي يعلمها -جل وعلا- ولا نعملها، فعلى هذا لا نلتزم باللازم، ومن أهل السنة من يقول: إن لازم الحق حق، لازم الحق حق, فإذا كان من لازم إثبات ما أثبته الله -جل وعلا- لنفسه أن يكون جسماً، والجسم لم يرد نفيه ولا إثباته في النصوص، لكنه من لازم ما أثبت يثبت، ولازم الحق حق، ومنهم من يقول: لا نثبت إلا ما أثبته الله -جل وعلا- لنفسه، سواءً كان ذلك في كتابه أو على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام- وما لم يذكر نفياً ولا إثباتاً لا نثبته ولا ننفيه.
يعني من لازم الرؤية، كما يقول الأشاعرة إنه -جل وعلا- يكون منحازاً إلى جهة؛ لأن الذي ليس في جهة لا يمكن رؤيته؛ لأن البصر إنما ينتهي إلى جهة، نقول: لا مانع من إثبات الجهة المثبتة لله -جل وعلا- في الكتاب والسنة، وهي العلو.