أقول: هذه المذاهب البدعية تبدأ بمخالفة يسيرة، ثم بعد ذلك يلزم على هذه المخالفة لازم ويصر هذا المبتدع على قوله، ثم يلتزم باللازم، يلزم من قوله كذا؟ يقول: نعم، يلزم، ويلتزم به، فيزداد الأمر، ثم يلزم على هذا اللازم لازم أشد منه، ثم يلتزم به، وقد التزم النفاة حتى صار معبودهم العدم، العدم المحض، الذي لا وجود له البتة، والتزم المشبهة بما ألزموا به حتى صار معبودهم صنماً، موصوفاً بصفات المخلوقين.
فالتناقض الوارد في كلام الماتريدية أنه معنىً قائم بنفسه هو ما خلقه في غيره، إن كانوا يريدون المعنى قائم بذات الله -جل وعلا- والحروف قامت بغيره، فهل يمكن الانفصال أو لا يمكن بين المعنى والحرف؟ يمكن الانفصال وإلا ما يمكن؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, المكتوب من عمل المخلوق، المداد قصدك المداد؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا، يرون القرآن المكتوب، ما هو الكتابة، لا، يعني نفرق بين مذهب أهل السنة، المداد مخلوق عند أهل السنة، والرق والورق والجلد والغلاف كلها مكتوبة، وإن شذ من شذ من بعض الجهال من قال إن المداد، وما يتبعه حتى الجلد قديم، وألزم كما تقدم، وألزم بكون الكاتب أيضاً يمكن يصير قديم بعد، إذا كانت الكتابة قديمة إذن الكاتب قديم.
هؤلاء المبتدعة لما التزموا بهذه اللوازم حصل منها ما حصل من البعد الشديد عن الحق الثابت في الكتاب والسنة، لا شك أنهم أتوا بالمضحكات بعد ذلك؛ لأن هذه اللوازم ترتب عليها لوازم أشنع منها فالتزموا بها، والذي لا يعتصم بالكتاب والسنة، ويجعل الكتاب قائده لا شك أنه يضل، يضل إذا اعتمد على عقله دون أن يسير بالكتاب والسنة، والذي لا يعتصم بالكتاب والسنة يضل بلا شك.