الكلام كثير حول الحرف والصوت، يعني هل يتصور حديث أو قول بدون حرفٍ ولا صوت، هل يتصور قول بدون حرف ولا صوت، هل يتصور؟ ما يتصور، {وَنَادَيْنَاهُ} [(٥٢) سورة مريم] كيف يناديه بدون حرف ولا صوت؟ {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [(٥٢) سورة مريم] كيف تكون المناجاة بدون حرف ولا صوت؟ لأن الذي يتجرد عن الحرف والصوت لا يسمع، والذي لا يسمع يفيد وإلا ما يفيد؟ ما يفيد، ولذا صار للسمع الأثر الكبير وصار نعمة من الله -جل وعلا-؛ لأنه يفاد من ورائه ما يسمع، أما إذا كان الكلام لا يسمع فليس بكلام، ولا ينتفع به المقابل المراد المقصود بالكلام، هذا إذا تنزلنا وسميناه كلام، هل يفاد منه؟ ما يمكن يفاد منه؟ يعني كلم الله موسى تكليماً، كلمه ربه كلام نفسي، ما يسمع ليس بحرف ولا صوت، كيف يستجب موسى، وكيف يأمر قومه أن يعملوا بما أمر به من خلال هذا الكلام وهو ليس بحرفٍ ولا صوت؟
والنداء بالصوت المرتفع والمناجاة بالصوت المنخفض، بحيث لا يسمعه إلا من قرب منه.
طالب:. . . . . . . . .
يا أخي: الإشارة المفهمة حكمها حكم الكلام، الإشارة المفهمة، نقول نعمة السمع الذي تسمع به الأصوات أعظم من نعمة البصر، كما قرر ذلك أهل العلم، والآيات تدل على ذلك؛ لأن السمع مقدم على البصر في النصوص {وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [(١٣٤) سورة النساء] {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [(١١) سورة الشورى] فيقدم السمع على البصر لماذا؟ لأنه يدرك الأصوات، لكن إذا كان خلقة لا يدرك أصم، هذا يفوته خير عظيم، قام ما يقوم مقام الكلام بالنسبة لهم من الإشارات المفهمة فانتفعوا، انتفعوا صاروا في حكم من يسمع، وهذه نعمة من الله -جل وعلا- بالنسبة لهذه الفئة، وإلا فالأصل أن من لا يسمع أو الكلام الذي لا يسمع لا قيمة له، والله -جل وعلا- لا يتصور أن يكلف العباد من خلال وجراء كلام لا يسمع، كيف يفهمون وهم لا يسمعون، إذا لم يكن الكلام بالحرف والصوت، كيف يفهمون؟ وإذا لم يفهموا كيف يعملون؟ هذا كلام في غاية الفساد والبطلان.