على كل حال المرجح عند الجمهور أنها أيمان، ولذا تصح من العبد وغيره، من كل من صحّ طلاقه صحّ لعانه؛ لأن الآثار المترتبة على اللعان في حق الرقيق مثل ما تكون في حق الحر، وجاء ما يدل على إطلاق لفظ الشهادة والمراد اليمين، فشهادتنا أحق من شهادتهما، مثل ما ذكر المؤلف -رحمه الله- {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} ثم قال بعد ذلك: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ}.
لا، حتى لو قال: أشهد بالله، لو قال: أشهد بالله صار يمين؟ ما يصير يمين.
لو ضمّن (أشهد) معنى (أحلف) فشهادة أحدهم يعني فحلف أحدهم بالله، وأن تشهد أربع، تحلف أربع شهادات يعني أيمان، فإذا ضمّن ساغ ذلك.
وأما ما احتج به الثوري وأبو حنيفة فهي حجج لا تقوم على ساق، منها حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أربعة ليس بينهم لعان: ليس بين الحر والأمة لعان، وليس بين الحرة والعبد لعان، وليس بين المسلم واليهودية لعان، وليس بين المسلم والنصرانية لعان)) أخرجه الدارقطني من طرق ضعفها كلها.
لكن إذا وجد ولد من كتابية ويجزم أبوه أنه ليس له، وقد رأى منها الزنا، ماذا يصنع؟ إذا رآها قد زنت ثم جاءت بولد كيف يصنع لانتفاء الولد؟ لا بد من اللعان، وقل مثل هذا فيما لو تزوج أمةً.
وروي عن الأوزاعي وابن جريج وهما إمامان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قوله: ولم يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، واحتجوا من جهة النظر أن الأزواج لما استثنوا من جملة الشهداء بقوله:{وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ} [(٦) سورة النور] وجب ألا يلاعن إلا من تجوز شهادته، وأيضاً فلو كانت يميناً ما رددت، والحكمة في ترديدها قيامها في الأعداد مقام الشهود في الزنا، قلنا: هذا يبطل بيمين القسامة فإنها تكرر، وليست بشهادة إجماعاً.