والحكمة في تكرارها التغليظ في الفروج والدماء، قال ابن العربي: والفيصل في أنها يمين لا شهادة أن الزوج يحلف لنفسه في إثبات دعواه وتخليصه من العذاب، وكيف يجوز لأحد أن يدعي في الشريعة أن شاهداً يشهد لنفسه بما يوجب حكماً على غيره؟! هذا بعيد في الأصل، معدوم في النظر.
حجة قوية، يقول: لو كانت شهادة فهو يشهد لنفسه، يشهد لإبراء نفسه، ولا يتجه أن يشهد الإنسان لنفسه، بينما اليمين يدرأ بها عن نفسه، ولذلك الشهادة في حق المدعي، واليمين في حق المنكر.
السادسة: واختلف العلماء في ملاعنة الأخرس، فقال مالك والشافعي: يلاعن لأنه ممن يصح طلاقه وظهاره وإيلاؤه إذا فهم ذلك عنه.
يعني بالإشارات المفهمة.
وقال أبو حنيفة: لا يلاعن؛ لأنه ليس من أهل الشهادة، ولأنه قد ينطق بلسانه فينكر اللعان، فلا يمكننا إقامة الحد عليه ..
هذا احتمال في غاية البعد، يعني كونه ينطق، قد ينطقه الله بعد ذلك ثم ينكر اللعان، يقول: أنا ما أردت بإشاراتي هذه اللعان، لكن هذا في غاية البعد.
وقد تقدم هذا المعنى في سورة مريم والدليل عليه والحمد لله.
السابعة: قال ابن العربي: رأى أبو حنيفة عموم الآية فقال: إن الرجل إذا قذف زوجته بالزنا قبل أن يتزوجها فإنه يلاعن، ونسي أن ذلك قد تضمنه قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [(٤) سورة النور] وهذا رماها محصنة غير زوجة، وإنما يكون اللعان في قذف يلحق فيه النسب، وهذا قذف لا يلحق فيه نسب، فلا يوجب لعاناً كما لو قذف أجنبية.
وهي في وقت القذف أجنبية؛ لأن العبرة بالحال لا بالمآل.