لأن الحدود لا تؤخر، هو لا يلزمه حد الآن، ولأنه لو كان يسجن حتى يلاعن أو يحد، قلنا أن الحدود تؤخر، لكنه يسجن حتى يلاعن فقط، ما في حد، لأن القسمة عند أبي حنيفة، القسمة عنده كالزوج وغيره، الزوج ما فيه إلا اللعان ما في حد، وغير الزوج ما فيه إلا الحد إذا قذف، وليس هناك لعان، فالزوج ما دام لا حد في حقه، إذاً يسجن حتى يلاعن فقط، لا يمكن قسم آخر حتى يلاعن أو يحد لأن الحدود لا تؤخر.
وقال مالك والشافعي وجمهور الفقهاء: إن لم يلتعن الزوج حد؛ لأن اللعان له براءة كالشهود للأجنبي فإن لم يأت الأجنبي بأربعة شهداء حد، فكذلك الزوج إن لم يلتعن، وفي حديث العجلاني ما يدل على هذا لقوله: إن سكتُّ سكت على غيظ وإن قتلت قتلت، وإن نطقت جلدت.
الحادية والعشرون: واختلفوا أيضاً هل للزوج أن يلاعن مع شهوده فقال مالك والشافعي: يلاعن كان له شهود أو لم يكن؛ لأن الشهود ليس لهم عمل في غير درء الحد، وأما رفع الفراش ونفي الولد فلا بد فيه من اللعان ..
يعني لو أحضر أربعة شهود ينتفي الولد وإلا ما ينتفي؟ لو أخضر أربعة شهود أنها زنت، ينتفي وإلا لا ينتفي إلا باللعان؟.
طالب: لا ينتفي.
لا ينتفي الولد إلا باللعان، وإنما الشهود يقونه الحد فيقام عليها بهم.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إنما جعل اللعان للزوج إذا لم يكن له شهود غير نفسه، لقوله تعالى:{وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ} [(٦) سورة النور]
الثانية والعشرون: البداءة في اللعان بما بدأ الله به وهو الزوج، وفائدته درء الحد عنه، ونفي النسب منه، لقوله -عليه السلام-: ((البينة وإلا حد في ظهرك)) ولو بدئ بالمرأة قبله لم يجز، لأنه عكس ما رتبه الله تعالى ..
ولأن المرأة تدرأ عن نفسها شيئاً لم يثبت بعد، لأنه لا يثبت إلا بلعانه.
وقال أبو حنيفة: يجزي، وهذا باطل؛ لأنه خلاف القرآن، وليس له أصل يرده إليه، ولا معنى يقوى به، بل المعنى لنا؛ لأن المرأة إذا بدأت باللعان فتنفي ما لم يثبت، وهذا لا وجه له.