شوف الوليد بن عبد الملك، من بني أمية معروف، وعداء بني أمية وما وقع بينهم وبين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- هم أصحاب ملك، قد يقع منهم مثل هذا الكلام، ومع ذلك إذا بلغهم الخبر الصحيح الصريح ما تعدوه.
قال: كنت عند الوليد بن عبد الملك، فقال: الذي تولى كبره، منهم علي بن أبي طالب؟ فقلت: لا، حدثني سعيد بن المسيب وعروة وعلقمة وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة كلهم يقول: سمعت عائشة تقول: والذي تولى كبره عبد الله بن أبي، وأخرج البخاري أيضاً من حديث الزهري عن عروة عن عائشة: والذي تولى كبره منهم عبد الله بن أبي.
الثانية: قوله تعالى: {بِالْإِفْكِ} [(١١) سورة النور] الإفك: الكذب والعصبة: ثلاثة رجال، قاله ابن عباس وعنه أيضاً من الثلاثة إلى العشرة، ابن عيينة: أربعون رجلاً، مجاهد: من عشرة إلى خمسة عشر، وأصلها في اللغة وكلام العرب الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعض، والخير حقيقته: ما زاد نفعه على ضره، والشر: ما زاد ضره على نفعه، وإن خيراً لا شر فيه هو الجنة، وشراً لا خير فيه هو جهنم ..
تشتمل عليه هذه الحياة الدنيا من الخير لا بد أن يكون مشوباً بشيءٍ من الشر، لكنه يكون مرجوحاً، والعكس الشر لا بد أن يكون مشوباً بالخير، لكن الخير يكون فيه مرجوح.
فأما البلاء النازل على الأولياء فهو خير؛ لأن ضرره من الألم قليل في الدنيا، وخيره هو الثواب الكثير في الأخرى، فنبه الله تعالى عائشة وأهلها وصفوان إذ الخطاب لهم في قوله:{لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [(١١) سورة النور] لرجحان النفع والخير على جانب الشر.
الثالثة: لما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعائشة معه في غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع، وقفل ودنا من المدينة آذن ليلة بالرحيل قامت حين آذنوا بالرحيل فمشت حتى جاوزت الجيش فلما فرغت من شأنها أقبلت إلى الرحل فلمست صدرها فإذا عقد من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمسته فحبسها ابتغاؤه ..