الحادية عشرة: ذكر الخطيب في جامعه عن علي بن عاصم الواسطي قال: قدمت البصرة فأتيت منزل شعبة، فدققت عليه الباب، فقال: من هذا؟ قلت: أنا، فقال: يا هذا ما لي صديق يقال له: أنا، ثم خرج إلي فقال: حدثني محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في حاجة لي فطرقت عليه الباب، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا، فقال:((أنا أنا! )) كأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كره قولي هذا. أو قوله هذا ..
لأن مثل هذا الضمير الذي يسنده إلى نفسه يشعر بشيءٍ من التعاظم، وأنه مثله لا يحتاج إلى تعريف أن يذكر باسمه، مجرد صوته معروف، فإذا قال: أنا خلاص ما يحتاج إلى أن يعرف، وبعض الناس يضيق ذرعاً إذا كلم بالتلفون يقول له: من أنت؟ هل مثلي يخفى؟ أو أنا بحاجة إلى تعريف؟ ويحمل في نفسه على من يقول: من؟ هذا ما فيه شيء، -احمد الله- على شأن تنزل منزلتك، وقد أمرنا أن ننزل الناس منازلهم.
إذا ورَّى والحاجة قائمة وليس فيه ظلم له ما فيه إشكال -إن شاء الله-.
وذكر عن عمرَ بن شبة، قال: حدثنا محمد بن سلام عن أبيه، قال: دققت على عمرو بن عبيد الباب فقال لي: من هذا؟ فقلت: أنا، فقال: لا يعلم الغيب إلا الله، قال الخطيب: سمعت علي بن المحسن القاضي يحكى عن بعض الشيوخ أنه كان إذا دق بابه فقال من ذا؟ فقال الذي على الباب: أنا، يقول الشيخ: أنا همٌّ دقَّ.
الثانية عشرة: ثم لكل قوم في الاستئذان عرفهم في العبارة، كما رواه أبو بكر الخطيب مسنداً عن أبي عبد الملك مولى أم مسكين بنت عاصم بن عمر بن الخطاب قال: أرسلتني مولاتي إلى أبي هريرة، فجاء معي، فلما قام بالباب قال: أندر؟
هي فارسية.
قالت: أندرون، وترجم عليه (باب الاستئذان بالفارسية) وذكر عن أحمد بن صالح قال: كان الدراوردي من أهل أصبهان، نزل المدينة، فكان يقول للرجل إذا أراد أن يدخل: أندرون، فلقبه أهل المدينة الدراوردي.
وبذلك الآن بان لنا معنى الجملة الأولى (أندر) يعني: أأَدخل؟ و (أندرون) يعني: أُدخل، هذا الاستئذان وهذا الإذن.