وقال ابن زيد والشعبي: هي حوانيت القيساريات، قال الشعبي: لأنهم جاؤوا ببيوعهم فجعلوها فيها، وقالوا: للناس هلم، وقال عطاء: المراد بها الخرب التي يدخلها الناس للبول والغائط، ففي هذا أيضاً متاع، وقال جابر بن زيد: ليس يعنى بالمتاع الجهاز ..
يعني ليس يعنى بالمتاع الأثاث، أنما يعني به الاستمتاع، وكل ما ينتفع به متاع.
ولكن ما سواه من الحاجة أما منزل ينزله قوم من ليل أو نهار، أو خربة يدخلها لقضاء حاجة، أو دار ينظر إليها، فهذا متاع، وكل منافع الدنيا متاع، قال أبو جعفر النحاس: وهذا شرح حسن من قول إمام من أئمة المسلمين، وهو موافق للغة، والمتاع في كلام العرب: المنفعة، ومنه أمتع الله بك، ومنه {فَمَتِّعُوهُنَّ} [(٤٩) سورة الأحزاب].
قلت: واختاره أيضاً القاضي أبو بكر بن العربي، وقال: أما من فسر المتاع بأنه جميع الانتفاع فقد طبق المفسر، وجاء بالفيصل، وبيّن أن الداخل فيها إنما هو لما له من الانتفاع، فالطالب يدخل في الخانكات، وهي المدارس لطلب العلم، والساكن يدخل الخانات، أي الفنادق، والزبون يدخل الدكان للابتياع، والحاقن يدخل الخلاء للحاجة، وكل يؤتى على وجهه من بابه، وأما قول ابن زيد والشعبي فقول، وذلك أن بيوت القيساريات محظورة بأموال الناس غير مباحة لكل من أراد دخولها بإجماع، ولا يدخلها إلا من أذن له ربها، بل أربابها موكلون بدفع الناس.
أما المستودعات والمخازن مثل هذه لو قيل فيها مثل هذا الكلام وأنها لا تدخل إلا باستئذان، أما المحلات المشرعة التي فيها البضائع معروضة للناس للزبائن فهذه لا تحتاج إلى استئذان.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.