للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى: قوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ} الخطاب لمن يملك أمر نفسه، لا لمن زمامه بيد غيره، فإنه يقوده إلى ما يراه كالمحجور عليه قولاً واحداً، والأمة والعبد على أحد قولي العلماء.

الثانية: واستعفف وزنه استفعل، ومعناه طلب أن يكون عفيفاً، فأمر الله تعالى بهذه الآية كل من تعذر عليه النكاح ولا يجده بأي وجه تعذر أن يستعفف ..

من الوجوه الممكنة سؤال الناس مثلاً، هو فقير، ولا يمكن أن يتزوج إلا بأن يسأل الناس، يتكفف الناس، يأخذ من الزكوات والصدقات، هل نقول لمثل هذا عليه أن يستعفف؟ {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} هذا ما وجد يستعفف، فقير ما عنده شيء، وإذا بذل أحد له المهر هل يلزمه أخذه أو لا يلزمه لأن فيه منّة؟ على كل حال إذا كان الدافع إلى النكاح قوي وخشي على نفسه العنت، فليسلك كل مسلك مباح لتحصيله، من زكوات وصدقات وهبات وأعطيات، وتأجير نفسه لأحدٍ يعمل عنده، فعليه أن يبذل ليعفّ نفسه.

أما إذا كان الداعي أقل ورغب أن يستعفف حتى يغنيه الله من فضله، فمثل هذا لا يلام -إن شاء الله تعالى-.

ثم لما كان أغلب الموانع على النكاح عدم المال، وعد بالإغناء من فضله، فيرزقه ما يتزوج به ..

طالب: يا شيخ وعد بالإغناء من فضله. . . . . . . . .؟

من فضله، من فضله.

لكن يبقى هل بين هذه الآية والتي قبلها تعارض؟ الأولى: أمر بالنكاح ووعد بالغنى، والثانية: أمر بالاستعفاف لعدم القدرة؟

طالب: لا يوجد تعارض.

ولا في الظاهر بين الآيتين؟ هناك قال: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} فأمر بالنكاح مع وجود الفقر، ووعد بالغنى، وهنا قال: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} في تعارض في الظاهر وإلا ما في؟ هناك أمر بالنكاح مع وجود الوصف، الذي هو الفقر، والوعد بالغنى، وهنا أمر بالاستعفاف وعدم النكاح حتى يحصل الوصف الذي يمكنه من النكاح.

طالب: الفقر في الآية الأولى -يا شيخ- فقر يستطيع معه النكاح؟

الشيخ: يعني قادر على المهر ولا يستطيع النفقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>