الثانية: الكتاب والمكاتبة سواء مفاعلة مما لا تكون إلا بين اثنين؛ لأنها معاقدة بين السيد وعبده، يقال: كاتب يكاتب كتاباً ومكاتبة، كما يقال: قاتل قتالاً ومقاتلة، فالكتاب في الآية مصدر كالقتال والجلاد والدفاع، وقيل: الكتاب هاهنا هو الكتاب المعروف الذي يكتب فيه الشيء، وذلك أنهم كانوا إذا كاتبوا العبد كتبوا عليه وعلى أنفسهم بذلك كتاباً، فالمعنى يطلبون العتق الذي يكتب به الكتاب فيدفع إليهم.
الثالثة: معنى المكاتبة في الشرع: هو أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه منجماً عليه، فإذا أداه فهو حر، ولها حالتان: الأولى: أن يطلبها العبد ويجيبه السيد، فهذا مطلق الآية وظاهرها، الثانية: أن يطلبها العبد ويأباها السيد، وفيها قولان: الأول لعكرمة وعطاء ومسروق وعمرو بن دينار والضحاك بن مزاحم، وجماعة أهل الظاهر أن ذلك واجب على السيد ..
وهو ما يقتضيه الأمر {فَكَاتِبُوهُمْ} على الشرط المذكور –إن علمتم– والأصل في الأمر الوجوب.
وقال علماء الأمصار: لا يجب ذلك ..
لا يجب ذلك؛ لأن المكاتبة أقل من العتق، والعتق ليس بواجب إلا في الكفارات، ما دام العتق ليس بواجب فالمكاتبة مثله، وهذا قول علماء الأمصار.