هذه القضايا وهذه الحوادث تحدث على مر العصور، كونه يأتي شخص يسلم بسبب أو بدون سبب، قد يذكر من الأسباب ما جعله يسلم، كاليهودي الذي نسخ التوراة والإنجيل والقرآن وحرف فيها، فقبلت منه التوراة والإنجيل وعمل بها ورد عليه القرآن، دل على أن الكتاب محفوظ، كما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(٩) سورة الحجر] فأسلم بسبب ذلك.
ومنهم من يسلم بسبب التشريع الإسلامي وما فيه من حكمة ظاهرة أمريكي أسلم -وهو غسال- فسئل عن السبب فقال: السبب في ذلك أن الثياب تختلف، ثياب المسلمين طاهرة ونظيفة وثياب غيرهم من النصارى واليهود والمشركين لا تطاق رائحتها؛ لأنهم لا يستنجون، وهندي أسلم فقيل له، قال: إن المسلمين إذا مات فيهم الميت حفروا له ودفنوه، نظفوه وستروه ودفنوه –وهو هندي– قال: إذا مات فينا الميت نحرقه، ولو كان من أعز الناس علينا، حصل له قصة، جاء بأمه على عادتهم ليحرقها فجمع لها حطباً عظيماً فأوقده عليها، فأكلت الكفن فقط، وبقيت الأم عارية بين الناس، ثم بعد ذلك لأنها توصي بهذا مذهبهم ودينهم، فجمع لها حطب مرة ثانية فأحرقها، ثم جاء ليعلن إسلامه، وعرف أن دينهم باطل.
والقصص في هذا كثيرة جداً ما يمكن أن يحاط بها وهي متجددة، تكاد تكون يومية، ولله الحمد، وهذا من عظمة هذا الدين وبقائه ناصعاً نقياً إلى قيام الساعة.
قوله تعالى:{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [(٥٣) سورة النور] عاد إلى ذكر المنافقين فإنه لما بين كراهتهم لحكم النبي -صلى الله عليه وسلم- أتوه فقالوا: والله لو أمرتنا أن نخرج من ديارنا ونساءنا وأموالنا لخرجنا، ولو أمرتنا بالجهاد لجاهدنا، فنزلت هذه الآية: أي وأقسموا بالله أنهم يخرجون معك في المستأنف ويطيعون ..
يعني فيما سيأتي.
{جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} أي طاقة ما قدروا أن يحلفوا، وقال مقاتل: من حلف بالله فقد أجهد في اليمين وقد مضى في الأنعام بيان هذا و {جهد} منصوب على مذهب المصدر تقديره: إقساماً بليغاً {قُل لَّا تُقْسِمُوا} وتم الكلام.