اللام هنا لام الأمر، فالاستئذان هنا لا بد منه؛ لأنه مأمورون به، ففي هذه الأوقات الثلاثة لا بد من الاستئذان، وهذا حينما كان الناس جارين على سنن السنة الإلهية في كون الليل سكن والنهار معاش، بمعنى أنه في العصر مثلاً لا يحتاج إلى استئذان؛ لأنه وقت المعاش، والناس مستيقظون ومنتبهون أو الضحى مثلاً، يدخل الساعة تسع وعشر ما في حاجة للاستئذان؛ لأن الناس مستيقظون، وكان هذا قبل أن توجد الأبواب والأغلاق التي يلزم من خلالها قرع هذه الأبواب وطرقها من أجل أن يعلم من في البيت من الداخل، أما بعد وجود هذه الأبواب فلا بد من الاستئذان على كل حال، لكن لما لم تكن الأبواب موجودة والأغلاق إنما هي مجرد ستور يمكن أن يدخل من غير استئذان ففي غير الأوقات الثلاثة لا داعي للاستئذان حينما كان الناس جارين على السنة الإلهية في كون النهار معاش والليل سكن، ووقت القيلولة معروفة –أوقات النوم معروفة- لكن الآن اضطربت أحوال الناس ولو قيل: أنه يستأذن في الضحى وأن الاستئذان في هذا الوقت أهم من الاستئذان في الليل؛ لأن الناس في الليل مستيقظون، أما في النهار فلا شك أن الساعة التاسعة والعاشرة والحادية عشرة أحياناً في بعض البيوت مثل نصف الليل فيما تقدم؛ لأن الناس قلبوا هذه الفطرة وهذه السنة الإلهية.
فخص في هذه الآية بعض المستأذنين، وكذلك أيضاً يتأول القول في الأولى في جميع الأوقات عموماً، وخص في هذه الآية بعض الأوقات فلا يدخل فيها عبد ولا أمة، وغداً كان أو ذا منظر إلا بعد الاستئذان.
يعني وغداً لا يفهم شيئاً، لا يفهم ولم يطلع على العورات، ولا ذا منظر يعني صاحب نظر في النساء بحيث يفهم، أو مطلع على العورات سواء كانت بالنسبة للرجال أو النساء.
قال مقاتل: نزلت في أسماء بنت مرثد دخل عليها غلام لها كبير فاشتكت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنزلت عليه الآية، وقيل: سبب نزولها دخول مدلج على عمر، وسيأتي.
الثانية: اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى: {لِيَسْتَأْذِنكُمُ} على ستة أقوال:
الأول: أنها منسوخة، قاله ابن المسيب وابن جبير.
الثاني: أنها ندب غير واجبة، قاله أبو قلابة، قال: إنما أمروا بهذا نظراً لهم.