يعني لم يؤمر بها من ليس عنده ملك يمين، لا يتجه أمره بها {لِيَسْتَأْذِنكُمُ} لأن الإذن أو الاستئذان مربوط بملك اليمين، (ملكت أيمانكم) فالذي ليس عنده ملك يمين لا خادم ولا خادمة، يعني لا عبد ولا أمة ما يحتاجون يستأذنون، ما يتجه إليهم الخطاب في هذا.
قال أبو داود: وكذلك رواه عطاء عن ابن عباس يأمر به، وروى عكرمة أن نفراً من أهل العراق قالوا: يا ابن عباس كيف ترى ..
هنا آية لم يؤمر بها أكثر الناس، والرواية الثانية: يأمر به أكثر الناس.
وروى عكرمة أن نفراً من أهل العراق قالوا: يا ابن عباس كيف ترى في هذه الآية التي أمرنا فيها بما أمرنا ولا يعمل بها أحد قوله الله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم} [(٥٨) سورة النور] قال أبو داود: قرأ القعنبي إلى: {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} قال ابن عباس: إن الله حليم رحيم بالمؤمنين يحب الستر، وكان الناس ليس لبيوتهم ستور ولا حجال، فربما دخل الخادم أو الولد أو يتيمة الرجل والرجل على أهله، أمرهم الله بالاستئذان في تلك العورات فجاءهم الله بالستور والخير فلم أر أحداً يعمل بذلك بعد.
وهذا ماشي على القول الخامس، وأن الاستئذان كان واجباً، إذ كانوا لا غلاق لهم ولا أبواب، ما في إلا ستور، لكن لما وجدت الأبواب والأغلاق، الأبواب توصد وترتج فحينئذٍ لا بد من طرق هذه الأبواب.
قلت: هذا متن حسن، وهو يرد قول سعيد وابن جبير، فإنه ليس فيه دليل على نسخ الآية.
وعرفنا القول بين القولين، الأول والخامس.
وعلى أنها كانت على حالٍ ثم زالت، فإن كان مثل ذلك الحال فحكمها قائم كما كان، بل حكمها لليوم ثابت في كثير من مساكن المسلمين في البوادي والصحارى ونحوها.