للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم لأن الإنسان إذا بلغ به الورع مبلغه يتحرج أن يأكل مع مثل هؤلاء الذين قد لا يأكلون نصف ما يأكل، ما يأكله الصحيح، الأعمى قد لا تمتد يده إلى أطايب الطعام، بل قد تقصر دونه فيقتصر على الأقل، والأعرج أيضاً قد تضطره رجله التي لا تنثني مثلاً أن لا يقرب من بعض الأطعمة التي تكون هي أفضل من غيرها، وقل مثل هذا في المريض أو مثلها أيضاً الذي لا يستطيع أن يمضغ الطعام مضغاً جيداً بحيث يلحق بركب الأصحاء، بعض الناس إذا كان من أهل الورع ويأكل مع هؤلاء قد يتورع، وقد لا يملك نفسه أن يقتصر على ما اقتصروا عليه، ويأكل بنسبة ما يأكلون، والمسألة مفترضة في النهد –يعني إذا كانت التي يسمونها قَطَّة، يعني كل واحد يبذل من المال بقدر صاحبه، لكن لو بذل ضعف مثلاً ما يبذلون فله أن يأكل أكثر منهم، مع أن هذه الأمور جاء الشرع بالتسامح فيها، وأن مثل هذه الأمور لا يلتفت إليها، والناس يتناهدون من أول الزمن إلى آخره، ولا يتناقشون عن مثل هذه الأمور، ولا يلتفتون إليها، فمثل هذا لا حرج فيه.

لكن إذا أبان الآكل عن شحّ في نفسه، وحرصٍ شديد على استيعاب نصيبه فلا، كما نهي عن اقتران التمر، القرن بين التمرتين مع من يأكل تمرة تمرة، وعند العوام إذا رأوا شخصاً بديناً قالوا له: أنت تأكل مع عميان؛ لأنه أعمى قد يقتصر على غير الجيد من الطعام؛ لأنه ما يشوف، بينما المبصر ينتقي ما ينفعه وما يستفيد منه، وما يفيده، وينتقي من أطايب الطعام على ما يشتهي، والله المستعان.

وقال ابن عباس في كتاب الزهراوي: إن أهل الأعذار تحرجوا في الأكل مع الناس من أجل عذرهم فنزلت الآية مبيحةً لهم.

وقيل: كان الرجل إذا ساق أهل العذر إلى بيته فلم يجد فيه شيئاً ذهب به إلى بيوت قرابته فتحرج أهل الأعذار من ذلك، فنزلت الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>