لأنه أعمى؛ لأن قتادة ولد أكمة، ما يراه وهو يأكل، فسأله ما هذا؟ حسّ بالأكل، وعندهم حساسية، يعني فقدوا البصر لكن يحسون، فقال له: ما هذا؟ فذكر له، قال: أبصرت رطباً في بيتك فأكلت.
فقال: ما هذا؟ فقلت: أبصرت رطباً في بيتك فأكلت قال: أحسنت، قال الله تعالى:{أَوْ صَدِيقِكُمْ} وذكر عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} قال: إذا دخلت بيت صديقك من غير مؤامرته لم يكن بذلك بأس، وقال معمر: قلت لقتادة: ألا أشرب من هذا الحُب؟ قال: أنت لي صديق فما هذا الاستئذان؟!.
وكان -صلى الله عليه وسلم- يدخل حائط أبي طلحة المسمى ببيرحا ويشرب من ماء فيها طيب بغير إذنه على ما قاله علماؤنا.
لأن مثل هذا جرت العادة بالمسامحة فيه لا سيما إذا كان الآكل له محل من قلب المأكول عنده سواء كان صديق أو عزيز عليه أو كبير عنده فضلاً عن أن يكون الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
قالوا: والماء متملك لأهله إذا جاز الشرب من ماء الصديق من غير إذنه، جاز الأكل من ثماره وطعامه إذا علم أن نفس صاحبه تطيب به لتفاهته ويسير مؤونته، أو لما بينهما من المودة، ومن هذا المعنى إطعام أم حرام له -صلى الله عليه وسلم- إذا نام عندها؛ لأن الأغلب أن ما في البيت من الطعام هو للرجل، وأن يد زوجته في ذلك عارية، وهذا كله ما لم يتخذ الأكل خبنة.
خبنة يخرج معه، يخرج بشيءٍ منه معه، يتخذ منه ما يخرج به ويتحفه به أولاده، إذا أكل مجرد أكل فلا مانع، يمرّ بالبستان ويأكل الشيء اليسير الذي لا يضر بصاحبه غير مفسد ولا متعدي ولا يتخذ خبنة، له ذلك.
ولم يقصد بذلك وقاية ماله، وكان تافهاً يسيراً.
لكن بعض الناس يدخل المحلات التجارية –محلات الأغذية والأطعمة والمكسرات وأنواع ما يؤكل- ثم يأخذ من هذا ويأخذ من هذا ويأخذ من هذا –يعني شيء يسير- يأخذ من هذا شيء، ومن هذا شيء، ثم إذا شبع خرج، هل نقول: أن هذا داخل في الآية أو أن هذا تعدي؟ الكلام أولاً هو في البيوت، لا في محلات البيع والشراء، الآية في البيوت لا في محلات التجارات.