الأولى: قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ}(إنما) في هذه الآية للحصر، المعنى: لا يتم ولا يكمل إيمان من آمن بالله ورسوله إلا بأن يكون من الرسول سامعاً غير معنت في أن يكون الرسول يريد إكمال أمر فيريد هو إفساده بزواله في وقت الجمع ونحو ذلك، وبيَن تعالى في أول السورة أنه أنزل آيات بينات، وإنما النزول على محمد -صلى الله عليه وسلم- فختم السورة بتأكيد الأمر في متابعته -عليه السلام-؛ ليعلم أن أوامره كأوامر القرآن.
الثانية: واختلف في الأمر الجامع ما هو؟.
الآن المحصور عليه في الحصر {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} إن كان المحصور عليه {الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} فالإيمان لا يتم إلا بذلك، ولا يصح إلا بذلك، وإذا ادعى أنه مؤمن ولم يؤمن بالله ولا رسوله هذه دعوة لا تصح، فليس بمؤمن إذا لم يؤمن بالله -جل وعلا- ويؤمن برسوله، وإذا كان الحصر من أجل قوله -جل وعلا-: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} فلا شك أن هذا لا يسلب تركه الإيمان بالكلية، وإن كان يخل بأصله.
الثانية: واختلف في الأمر الجامع ما هو؟ فقيل: المراد به ما للإمام من حاجة إلى جمع الناس فيه، لإذاعة مصلحة من إقامة سنة في الدين، أو لترهيب عدو باجتماعهم وللحروب، قال الله تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [(١٥٩) سورة آل عمران] فإذا كان أمر يشملهم نفعه وضره جمعهم للتشاور في ذلك، والإمام الذي يُترقب إذنه هو إمام الإمرة.