يعني المقصود به الإمام الأعظم، ومن ينيبه الإمام في جمع الناس لأمرٍ من الأمور، فإذا اجتمعوا لأمرٍ من الأمور لا يجوز الخروج إلا بإذنه إلا إذا كان ثمّ منكر، فإنه حينئذٍ لا يحتاج إلى إذن إلا إذا استطاع أن ينكر فيتعيّن عليه الإنكار، إذا لم يستطع ينصرف، إذا ترتب على الانصراف مفسدة أعظم فينظر في المصالح والمفاسد، إذا كان لا يستطيع الإنكار وترتب على الانصراف مفسدة أعظم لا شك أن العزيمة أن ينصرف، ولو ترتب عليه ضرر في نفسه أو بدنه أو ماله هذا هي العزيمة، وإن خشي على نفسه وجلس حتى ينتهي الموضوع خوفاً على نفسه ففيه مندوحة وهو مكره على هذا، لكن لا يستدل بفعله على جواز هذا المنكر، يعني كثير من الناس يستدلون على جواز بعض المحرمات؛ لأن والله شفنا الشيخ فلان جالس، ما تدري ما ظرف الشيخ فلان في جلوسه هذا؟ هو يخشى مفسدة أعظم، أو يخشى على نفسه، والإنكار لا يستطيعه ولا يستطيع الخروج فتقرير هذا الشخص على هذا المنكر ليس فيه دليل على جوازه، ولا يمكن أن ينسب إليه القول بجوازه؛ لأنه جلس ولم يستطيع الخروج ولم يستطع الإنكار.
فالتقرير خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى الصحابة تقريرهم ليس بحجة، يعني لو جلس صحابي فتقريره ليس بحجة، لنفترض مثل ما فعل مروان حينما خطب جالس، كثير من الصحابة الحاضرين ما أنكروا عليه، أنكر عليه أبو سعيد، هل يقال: أن الصحابة –جمهور الصحابة- يرون أن مثل هذا المنكر لا ينكر أو هذا الفعل يجوز؟ لأنهم ما أنكروا؟ وكثير من المسلمين ما أنكر على الوليد في إدخاله القبر – الحجرة النبوية في المسجد- مع أنه وجد الإنكار من جمع من أهل العلم في وقته، هل نقول: أن جمهور الأمة يرون مثل هذا العمل؟ لا يمكن.