فالإقرار كونه تشريع خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ونسمع كثيراً مما يستدل على جواز بعض الأمور بأننا رأينا الشيخ الفلاني جالس، طيب وما يدريك عن الشيخ الفلاني؟ يمكن يخشى على نفسه، لا يستطيع الإنكار، يوازن بين المصالح والمفاسد يرى أن المصلحة في البقاء، فمثل هذا لا يستدل به على الجواز، فإذا جمعهم الإمام على أمرٍ فيه مصلحة فإنه حينئذٍ لا يجوز لأحدٍ أن ينصرف حتى يستأذن، وهل يدخل في ذلك كل جمع؟ بمعنى أنه في الصلاة مثلاً، أو في خطبة الجمعة، احتاج إلى الخروج، هل يستأذن الإمام؟ أو في الدرس هل يستأذن الشيخ؟ لا شك أن المستأذن هنا هو الإمام الأعظم أو من ينيبه، وهناك أمور لا تحتاج إلى إذن، وإن كان بعضهم يرى أنها تحتاج إذن، فمن انتقض وضوءه والإمام يخطب، هل يقول للإمام: أتأذن لي أن أتوضأ؟ هذا ما يحتاج إلى إذن، وإن قال بعض أهل العلم أنه لا بد منه.
وفي كل هذا مبالغة على الحفاظ، من أجل الحفاظ على الجماعة، والدين دين اجتماع وألفة ومودة، ولذا لا يجوز إقامة جماعة ثانية في مسجد في آنٍ واحد، ولو كبر المسجد، مع علم الجماعة الثانية بالأولى؛ لأن هذا يؤدي إلى شقاق ونزاع ويشحن النفوس، وأيضاً لو أدى صلاة جار المسجد في مسجدٍ آخر لو أدى ذلك إلى وجود شيء في نفس الإمام أو جماعة المسجد القريب عليه أن يلازم هذا المسجد كفاً للغيبة عن نفسه وحفاظاً على الألفة والمودة، وإذا كان هناك مبرر له وشرحه للجماعة ورضوا به وكذلك الإمام، لا شك أن مثل هذا لا مانع منه، لو قال: أنا أحتاج إلى المشي، أنا نصحني الطبيب أن أمشي، ولا في فرصة أن أمشي إلا إذا أذن أصلي بالمسجد الفلاني، فحينئذٍ لا مانع على أن يبين ويسلب ما في قلوبهم من أثر لهذه الفرقة، وإلا فالأصل أن الفرقة مذمومة.
والإمام الذي يُترقب إذنه هو إمام الإمرة فلا يذهب أحد لعذرٍ إلا بإذنه، فإذا ذهب بإذنه ارتفع عنه الظن السيء، وقال مكحول والزهري: الجمعة من الأمر الجامع، وإمام الصلاة ينبغي أن يستأذن إذا قدمه إمام الإمرة إذا كان يرى المستأذن.