يعني: أنه يخلق فعل نفسه، وهذا قول القدرية المعتزلة، يقولون: أن الإنسان يخلق فعله، وفعل العبد ليس من مخلوق الله -جل وعلا- ولذلك سموا مجوس هذه الأمة؛ لمشابهتهم إياهم في إثبات خالق غير الله -جل وعلا-.
ولا كما يقول من قال: للمخلوق قدرة الإيجاد، فالآية رد على هؤلاء، {فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} أي قدر كل شيء مما خلق بحكمته على ما أراد، لا عن سهوة وغفلة، بل جرت المقادير على ما خلق الله إلى يوم القيامة، وبعد القيامة فهو الخلق المقدر، فإياه فاعبدوه، قوله تعالى:{وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً} [(٣) سورة الفرقان] ذكر ما صنع المشركون على جهة التعجيب في اتخاذهم الآلهة مع ما أظهر من الدلالة على وحدانيته وقدرته.
{لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا} يعني الآلهة، {وَهُمْ يُخْلَقُونَ} لمَّا اعتقد المشركون فيها أنها تضر وتنفع عبَّر عنها كما يعبر عما يعقل.
فقال:{وَهُمْ يُخْلَقُونَ} يعني عبر عنهم بضمير الجمع، وأثبت لهم النون التي في الأصل للعقلاء، عاملهم معاملة جمع المذكر السالم، ولا يجمع على هذه الصيغة إلا من يعقل، فهذا على سبيل التنزل لعابديهم الذين عاملوهم معاملة العقلاء.
{وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} أي لا دفع ضر وجلب نفع، فحذف المضاف، وقيل: لا يقدرون أن يضروا أنفسهم أو ينفعوها بشيء ولا لمن يعبدهم؛ لأنها جمادات، {وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} أي لا يميتون أحداً ولا يحيونه، والنشور: الإحياء بعد الموت، أنشر الله الموتى فنشروا وقد تقدم، وقال الأعشى:
حتى يقول الناس مما رأوا ... يا عجباً للميت الناشر
قوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني مشركي قريش، وقال ابن عباس: القائل منهم ذلك النضر بن الحارث
ابن الحارث يعني يكتبونها بدون ألف.
القائل منهم ذلك النضر بن الحارث، وكذا كل ما في القرآن فيه ذكر الأساطير، قال محمد بن إسحاق: وكان مؤذياً للنبي -صلى الله عليه وسلم-، {إِنْ هَذَا} يعني القرآن، {إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ} أي كذب أختلقه، {وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} يعني اليهود، قاله مجاهد.