للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبارك نعم، هذا اللفظ ممنوع على أي حال.

و {الْفُرْقَانَ} القرآن، وقيل: إنه اسم لكل منزل، كما قال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ} [(٤٨) سورة الأنبياء] وفي تسميته فرقاناً وجهان: أحدهما: لأنه فرق بين الحق والباطل، والمؤمن والكافر، والثاني: لأن فيه بيان ما شرع من حلال وحرام، حكاه النقاش، {عَلَى عَبْدِهِ} يريد محمداً -صلى الله عليه وسلم-، {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} اسم {يَكُونَ} فيها مضمر يعود على {عَبْدِهِ} وهو أولى؛ لأنه أقرب إليه، ويجوز أن يكون يعود على {الْفُرْقَانَ}، وقرأ عبد الله بن الزبير: {على عباده} ويقال: أنذر إذا خوّف، وقد تقدم في أول البقرة، والنذير المحذر من الهلاك، قاله الجوهري، والنذير المنذر، والنذير الإنذار.

والمراد بـ {الْعَالَمِينَ} هنا الإنس والجن؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد كان رسولاً إليهما ونذيراً لهما، وأنه خاتم الأنبياء، ولم يكن غيره عام الرسالة إلا نوح، فإنه عم برسالته جميع الإنس بعد الطوفان؛ لأنه بدأ به الخلق.

العموم في رسالة نوح -عليه السلام- عموم ضرورة أنه لا يوجد إلا هؤلاء الناس الذين أمر بدعوتهم؛ لأن من عداهم غرق بالطوفان وانتهوا، وأما عموم رسالته -عليه الصلاة والسلام- فهو عموم مقصود لذاته، فهو بعث إلى الناس كافة، وهذا من خصائصه -عليه الصلاة والسلام-.

قوله تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} عظم تعالى نفسه، {وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} نزه سبحانه وتعالى نفسه عما قاله المشركون من أن الملائكة أولاد الله، يعني بنات الله سبحانه وتعالى، وعما قالت اليهود: عزير ابن الله -جل الله تعالى-، وعما قالت النصارى: المسيح ابن الله -تعالى الله عن ذلك-.

{وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} كما قال عبدة الأوثان، {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} لا كما قال المجوس والثنوية: إن الشيطان أو الظلمة يخلق بعض الأشياء، ولا كما يقول من قال: للمخلوق قدرة الإيجاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>