وقال ابن عباس: تتشقق سماء الدنيا فينزل أهلها وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والإنس، ثم تنشق السماء الثانية فينزل أهلها وهم أكثر ممن في سماء الدنيا، ثم كذلك حتى تنشق السماء السابعة ثم ينزل الكروبيون وحملة العرش، وهو معنى قوله:{وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلًا} [(٢٥) سورة الفرقان] أي من السماء إلى الأرض لحساب الثقلين، وقيل: إن السماء تنشق بالغمام الذي بينها وبين الناس، فبتشقق الغمام تتشقق السماء، فإذا انشقت السماء انتقض تركيبها، وطويت ونزلت الملائكة إلى مكانٍ سواها، وقرأ ابن كثير:{وننزل الملائكةَ} بالنصب من الإنزال، والباقون:{وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ} بالرفع، دليله:{تَنزِيلًا} ولو كان على الأول لقال: إنزالاً، وقد قيل: إن نزل وأنزل بمعنى، فجاء {تَنزِيلًا} على (نزل)، وقد قرأ عبد الوهاب عن أبي عمرو:{وَنُزِلَ الملائكة تنزيلًا} وقرأ ابن مسعود: (وأنزل الملائكة)، وأبي بن كعب:(ونزلت الملائكة) وعنه (وتنزلت الملائكة).
وهذا كله قبل الاتفاق على القراءة الموافقة للعرضة الأخيرة من جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام- التي عنها أخذ مصحف عثمان ووزع في الأمصار التي لا يوجد فيه شيء من اختلاف القراءات إلى هذا المستوى.
قوله تعالى:{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ} [(٢٦) سورة الفرقان]، {الْمُلْكُ} مبتدأ و {الْحَقُّ} صفة له و {لِلرَّحْمَنِ} الخبر؛ لأن الملك الذي يزول وينقطع ليس بملك فبطلت يومئذٍ أملاك المالكين، وانقطعت دعاويهم، وزال كل ملك وملكه، وبقي الملك الحق لله وحده، {وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا} أي لما ينالهم من الأهوال ويلحقهم من الخزي والهوان، وهو على المؤمنين أخف من صلاةٍ مكتوبة على ما تقدم في الحديث، وهذه الآية دالة عليه؛ لأنه إذا كان على المؤمنين عسيراً فهو على المؤمنين يسير، يقال: عَسِر يَعسَر وعَسُرَ يَعسُر.