{وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا} [(٢٦) سورة الفرقان] أي لما ينالهم من الأهوال ويلحقهم من الحزن والهوان، وهو على المؤمنين أخف من صلاةٍ مكتوبة، هذا من باب المفهوم، إذا كان عسير على الكافرين، فهو على المؤمنين يسير بلا شك، {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} [(٨ - ١٠) سورة المدثر].
قوله تعالى:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} [(٢٧) سورة الفرقان] الماضي: عضضت، وحكى الكسائي عضضت بفتح الضاد الأولى، وجاء التوقيف عن أهل التفسير منهم ابن عباس وسعيد بن المسيب أن الظالم هاهنا يراد به عقبة بن أبي معيط، وأن خليله أمية بن خلف فعقبة قتله علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وذلك أنه كان في الأسارى يوم بدر فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتله، فقال: أأقتل دونهم؟ فقال: نعم، بكفرك وعتوك، فقال: من للصبية؟ فقال: النار، فقام علي -رضي الله عنه- فقتله، وأمية قتله النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان هذا من دلائل نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه خبَّر عنهما بهذا فقتلا على الكفر، ولم يسميا في الآية؛ لأنه أبلغ في الفائدة ليعلم أن هذا سبيل كل ظالم قبل من غيره في معصية الله -عز وجل-، قال ابن عباس وقتادة وغيرهما: وكان عقبة قد همَّ بالإسلام فمنعه منه أبي بن خلف وكانا خدنين، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قتلهما جميعاً، قتل عقبة يوم بدر صبراً، وأبي بن خلف في المبارزة يوم أحد، ذكره القشري والثعلبي، والأول ذكره النحاس، وقال السهيلي:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} [(٢٧) سورة الفرقان] هو عقبة بن أبي معيط، وكان صديقاً لأمية بن خلف الجمحي، ويروى لأبي بن خلف أخ أمية، وكان قد صنع وليمة فدعا إليها قريشاً، ودعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأبى أن يأتيه إلا أن يسلم، وكره عقبة أن يتأخر ..
لأن إجابة الدعوة من حق المسلم على المسلم، وليست من حق الكافر على المسلم إلا إذا رجي إسلامه، فيكون من باب تغليب المصلحة، وإلا فالأصل أنها من حقوق المسلمين بعضهم على بعض.