للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحسن من مثَلَهم تفصيلاً فحذف لعلم السامع، وقيل: كان المشركون يستمدُّون من أهل الكتاب، وكان قد غلب على أهل الكتاب التحريف والتبديل، فكان ما يأتي به النبي -صلى الله عليه وسلم- أحسن تفسيراً مما عندهم؛ لأنهم كانوا يخلطون الحق بالباطل، والحق المحض أحسن من حق مختلط بباطل، ولهذا قال تعالى: {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [(٤٢) سورة البقرة]. وقيل: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ} [(٣٣) سورة الفرقان] كقولهم في صفة عيسى إنه خلق من غير أب، {إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ} أي بما فيه نقض حجتهم كآدم إذ خلق من غير أب وأم.

قوله تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ} (٣٤) سورة الفرقان} تقدم في (سبحان)، {أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا} لأنهم في جهنم، وقال مقاتل: قال الكفار لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- هو شر الخلق، فنزلت الآية، {وَأَضَلُّ سَبِيلًا} أي ديناً وطريقاً، ونظم الآية: ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق، وأنت منصور عليهم بالحجج الواضحة، وهم محشورون على وجوههم.

{أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا} هذا خبر، خبر الذين يحشرون على وجوههم، الذين يحشرون على وجوههم أولئك شر مكاناً، فهذه جملة تامة من مبتدأ وخبر، فلما قال الكفار لأصحاب محمد -عليه الصلاة والسلام-: صاحبكم شر الخلق، بيّن الله -جل وعلا- أن هؤلاء الكفار الذين يحشرون على وجوههم، وفي الحشر على الوجه ما فيه؛ لأنه أشرف ما في الإنسان وكون هذا الأشرف أول ما تباشره النار لا شك أن هذا فيه ردع لهم وفيه زجر –نسأل الله العافية والسلامة-.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} [(٣٥) سورة الفرقان] يريد التوراة، {وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا} تقدم في (طه).

الوزير هو من يؤازر ويعين من استوزره، هذا الوزير الذي هو هارون بطلب موسى -عليه السلام- أن يجعل أخاه وزيراً له، فأجيب الطلب، ولذا يقول أهل العلم: أنه لا يوجد أخ أنفع لأخيه من موسى -عليه السلام-، حيث سأل له النبوة وحصلت له، والفضل أولاً وأخيراً لله -جل وعلا-.

{فَقُلْنَا اذْهَبَا} [(٣٦) سورة الفرقان] الخطاب لهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>