الصيغة (طهور) صيغة مبالغة، وهذه المبالغة في هذه الصفة هل هي ترجع إلى الماء ذاته؟ بمعنى أنه أطهر من غيره، أو لأنه يتكرر منه التطهير، يعني أنه مطَهر أكثر من غيره؟ ولهذا يصلح لتطهير غيره أو أنه تكرر منه التطهير؟ وفرق بينهما، يعني الماء إذا خرج من الأرض أو نزل من السماء ثم وضع في فلتر، لا شك أنه تزداد طهوريته، ويزداد نقاؤه وصفاؤه ثم إذا نقّي مرة ثانية وثالثة وكل ما ينقّى يسلم من الشوائب فيكون أشد في التطهير، يعني هل هذا الطهور؛ لأنه تكرر تطهيره أو لأنه تكرر التطهر به؟ هذه المبالغة، المبالغة لا تأتي من شيءٍ واحد؛ لأن ما طَهُر مرةً واحدة لا يستحق صيغة المبالغة، يقال: طاهر، إنما يقال: طهور إذا كانت طهارته تكررت مراراً أو كان التطهر به تكرر مراراً، الذي يدعو إلى مثل هذا الكلام ما ذكره البغوي في شرح السنة من أن الماء المستعمل في الطهارة أكثر من مرة هو الذي يستحق أن يسمى طهور؛ لأنه تكرر التطهر به مثل الشكور مثل الصبور، ما يستحق هذه الصيغة إلا بعد أن يتكرر منه الفعل، لكن هل المراد من هذه الصيغة تكرار التطهر به أو تكرار طهارته بنفسه؟.