الآن البغوي يقرر يقول: أنه لا يستحق هذه الصيغة إلا إذا تكرر التطهر به، إذا تكرر تطهيره لغيره كالصبور والشكور، إذا تكرر منه الصبر والشكر، لكن هل استعماله في طهارة -في تطهير- يزيده نقاوة وطهارة وإلا يزيده كدرة؟ يزيد كدرة بلا شك؛ لأن هذا يخفف من طهارته؛ لأنه إنما استعمل بالطهارة لإزالة الأوساخ، يعني عندنا طهور صيغة مبالغة، وهذه مسألة ترى فيها شيء من الخفاء وكلام البغوي قد يمشي على بعض الناس، يقول: الطهور ما يتكرر التطهير به، فالماء الذي يستعمل في الوضوء أو في الغسل مرتين، ثلاث، خمس كلما يزيد التطهر به يزداد دخولاً وإيغالاً في هذه الصفة، يريد أن يقرر أن الماء المستعمل في الطهارة أولى بوصف الطهور من غير المستعمل، والعلماء معروف عندهم أن المستعمل لا سيما عند الحنابلة والشافعية المستعمل في رفع الحدث خلاص انتهى، صار طاهر ما يطهر غيره، ويريد أن يقرر كل ما استعمل في هذه الطهارة صار دخوله في هذا الوصف أولى؛ لأن عندنا فيما يتعلق بالماء أمران: طهارته بنفسه، وتطهيره لغيره، فطهارته بنفسه الأصل أنه طهور وطاهر، الأصل أنه طاهر؛ لأنه لم تخالطه نجاسة، فهو طاهر، إذا نقّي مرة ثانية تزداد طهارة، نقّي ثالثة خامسة عاشرة، كل مرة يزداد طهارة فيستحق الوصف بأنه طهور، والبغوي -رحمه الله- جعل المسألة عكس، أن كل ما استعمل في طهارة صار في الوصف أدخل.
طالب: هل كونه يزداد بعدد مرات التطهير به هل يترتب عليه حكم؟
ما يترتب، لكنه أنقى وأطهر من الذي لم يكرر أصلاً أو كرر مرة أو مرتين.
طالب: البغوي شافعي؟
إيه شافعي، يعني خلاف مذهبه، هو خلاف مذهبه.
وأما قول الشاعر:(ريقهن طهور)
فإنه قصد بذلك المبالغة في وصف الريق بالطهورية لعذوبته وتعلقه بالقلوب وطيبه في النفوس، وسكون عليل المحب برشفه حتى كأنه الماء الطهور، وبالجملة فإن الأحكام الشرعية لا تثبت بالمجازاة الشعرية فإن الشعراء يتجاوزون في الاستغراق حد الصدق إلى الكذب.
لكن المجازاة هل هي بتاء مربوطة وإلا مفتوحة؟
طالب: مفتوحة.
هذا الأصل، مجاز جمعه مجازات لكن يبقى أنه كتبها:(مجازاة) بالمربوطة يحتاج إلى نظر.